محتمل، ويحتمل أيضًا أن يكون حديث عائشة مشوقًا للأمرين معًا لقضية بالقليل وهو ما فعلته عائشة من التصدق بالتمرة ولاتقاء النار ولو بشق تمرة وهو ما فعلته أم البنتين.
وفي هذا الحديث التحديث والأخبار والعنعنة والقول، وأخرجه أيضًا في الأدب وكذا مسلم، وأخرجه أيضًا الترمذي في البر وقال: حسن صحيح.
١١ - باب أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ وَصَدَقَةُ الشَّحِيحِ الصَّحِيحِ
هذا (باب) بالتنوين (أي الصدقة) من الصدقات (أفضل) وأعظم أجرًا (وصدقة الشحيح) صفة مشبهة من الشح وهو بخل مع حرص (الصحيح) الذي لم يعتره مرض مخوف ينقطع عنده أمله من الحياة (لقوله) تعالى: (﴿وأنفقوا مما رزقناكم﴾) من بعض أموالكم ادخارًا للآخرة (﴿من قبل أن يأتي أحدكم الموت﴾)[المنافقون: ١٠] أي يرى دلائله وفي بعض الأصول إلى خاتمتها بدل قوله الآية. (وقوله) تعالى: (﴿يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم﴾) ما وجب عليكم إنفاقه أو الانفاق في سبيل الخير مطلقًا (﴿من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه﴾)[البقرة: ٢٥٤] أي من قبل أن يأتي يوم لا تقدرون فيه على تحصيل ما فرّطتم إذ لا بيع فيه فتحصلون ما تنفقون أو تفتدون به من العذاب ولا خلة حتى تعينكم عليه أخلاؤكم ولا شفاعة إلا لمن أذن له الرحمن حتى تتكلوا على شفعاء تشفع لكم في حط ما في ذممكم، فمناسبة الآية للترجمة كما نبه عليه ابن المنير من حيث إن الآية معناها التحذير من التسويف بالانفاق استبعادًا لحلول الأجل واشتغالاً بطول الأمل والترغيب في المبادرة بالصدقة قبل هجوم المنية وفوات الأمنية. ووقع في رواية أبي ذر باب: فضل صدقة الشحيح الصحيح فأسقط الجملة الأولى المسوقة بصيغة الاستفهام المؤذن بالتردد ثم إنه في رواية أبي ذر قدم آية البقرة على آية المنافقون فقال لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ﴾ إلى ﴿الظَّالِمُونَ﴾ [البقرة: ٢٥٤] وَ ﴿أَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ﴾ [المنافقون: ١٠].