وبه قال:(حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا معاوية بن عمرو) بفتح العين الأزدي البغدادي قال: (حدّثنا أبو إسحاق) إبراهيم بن محمد الفزاري (عن موسى بن عقبة) الإمام في المغازي (عن سالم أبي النضر) مولى عمر بن عبيد الله (أن عبد الله بن أبي أوفى كتب) أي إلى عمر بن عبيد الله (فقرأته أن رسول الله ﷺ قال):
(إذا لقيتموهم) أي الكفار عند الحرب والتصاف (فاصبروا) ولا تنصرفوا عن الصف وجوبًا إذا لم يزد عدد الكفار على مثليكم بخلاف ما إذا زاد لقوله تعالى: ﴿فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين﴾ [الأنفال: ٦٦]. الآية. وهو أمر بلفظ الخبر إذ لو كان خبرًا لم يقع بخلاف المخبر عنه (إلاّ متحرفًا لقتالٍ﴾ كمن ينصرف ليكمن في موضع فيهجم أو ينصرف من مضيق ليتبعه العدوّ إلى متّسع سهل للقتال ﴿أو متحيزًا إلى فئة﴾ يستنجد بها ولو بعيدة فلا يحرم انصرافه قال تعالى: (إلاّ متحرفًا﴾ [الأنفال: ١٦] الآية. وخرج بالتصاف ما لو لقي مسلم كافرين فله الانصراف وإن كان هو الذي طلبهما لأن فرض الجهاد، والثبات إنما هو في الجماعة.
وقد مضى هذا الحديث في باب الجنة تحت بارقة السيوف؛ لكنه لم يذكر فيه قوله: إذا لقيتموهم فاصبروا وإنما قال: واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف. فقول بعض الشراح هنا ذكر فيه المؤلّف طرفًا من حديث ابن أبي أوفى، وقد تقدّم التنبيه عليه قريبًا في باب: الجنة تحت بارقة السيوف لا يخفى ما فيه من التجوّز إذ لم يقع ذلك لا في المتن ولا في الشرح والله أعلم.