قال الرافعي في شرح المسند: يمكن أن يقال الكراهة في الغمس لمن نام ليلاً أشد منها لمن نام نهارًا لأن الاحتمال في نوم الليل أقرب لطوله عادة وليس الحكم مختصًّاً بالنوم، بل المعتبر الشك في نجاسة اليد، واتفقوا على أنه لو غمس يده لم يضرّ الماء خلافًا لإسحاق وداود وغيرهما، وحيث ثبتت الكراهة فلا تزول إلا بتثليث الغسل كما نص عليه في البويطي، وهي المطلوبة عند كل وضوء. قال الإمام: حتى لو كان يتوضأ من قمقمة فيستحب غسلها احتياطًا لتوقع خبث وإن بعد لا للحدث واحترز بالإناء عن البرك والحياض، ويستفاد من الحديث استحباب غسل النجاسات ثلاثًا لأنه إذا أمر به في المشكوك ففي المحقق أولى، والأخذ بالاحتياط في العبادات وأن الماء ينجس بورود النجاسة عليه وفي الإضافة إلى المخاطبين في قوله: فإن أحدكم إشارة إلى مخالفة نومه ﵊ لذلك فإن عينه تنام ولا ينام قلبه.
وهذا الحديث أخرجه الستة، وهاهنا تنبيه وهو أنه ينبغي للسامع لأقواله ﵊ أن يتلقاها بالقبول ودفع الخواطر الرادّة لها، فقد بلغنا أن شخصًا سمع هذا الحديث فقال: وأين تبيت يده منه فاستيقظ من النوم ويده داخل دبره محشوّة فتاب عن ذلك وأقلع، فنسأل الله تعالى أن يحفظ قلوبنا من الخواطر الرديئة والله الموفّق.
٢٧ - باب غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَلَا يَمْسَحُ عَلَى الْقَدَمَيْنِ
(باب غسل الرجلين) زاد أبو ذر فيما أفاده في الفتح (ولا يمسح على القدمين) أي إذا كانتا عاريتين وهي كذا في الفرع ثابتة من غير تعيين.
وبه قال:(حدّثنا) بالجمع وفي رواية أبي ذر حدّثني (موسى) بن إسماعيل التبوذكي (قال: حدّثنا) وفي رواية الأصيلي أخبرنا (أبو عوانة) بفتح العين المهملة الوضاح اليشكري (عن أبي بشر) بكسر الموحدة وسكون العجمة واسمه جعفر بن أبي وحشية الواسطي (عن يوسف بن ماهك) بكسر الهاء وفتحها منصرفًا وغير منصرف كما مرّ (عن عبد الله بن عمرو) أي ابن العاص ﵁ أنه (قال):
(تخلّف النبي ﷺ عنّا في سفرة) من مكة إلى المدينة في حجة الوداع أو عمرة القضية، (فأدركنا) بفتح الكاف أي لحق بنا رسول الله ﷺ، وفي رواية كريمة وأبي الوقت في سفرة سافرناها فأدركنا (وقد أرهقنا العصر) بسكون القاف من الإرهاق ونصب العصر مفعوله أي أخّرناها حتى دنا وقتها وهذه رواية أبي ذر، ولكريمة والأصيلي أرهقتنا بتأنيث الفعل العصر بالرفع على الفاعلية ولمسلم