ورواة هذا الحديث كلهم مدنيون، وفيه رواية الأكابر عن الأصاغر، لأن نعيمًا أكبر سنًّا من علي بن يحيى. وأقدم سمعًا منه، وفيه ثلاثة من التابعين، والتحديث والعنعنة والقول، وأخرجه أبو داود والنسائي.
١٢٧ - باب الإِطْمَأْنِينَةِ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ
قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: رَفَعَ النَّبِيُّ ﷺ وَاسْتَوَى جَالِسًا حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ.
(باب الإطمأنينة) بكسر الهمزة قبل الطاء الساكنة، وفي بعضها بضم الهمزة، وللكشميهني: الطمأنينة، بضم الطاء بغير الهمز (حين يرفع) المصلي (رأسه من الركوع).
(وقال أبو حميد) الساعدي، ما يأتي موصولاً، إن شاء الله تعالى، في باب: سنة الجلوس للتشهد؛ (رفع النبي ﷺ رأسه). من الركوع (واستوى) بالواو، ولأبي ذر: فاستوى، أي: قائمًا (حتى يعود كل فقار مكانه) بفتح الفاء والقاف الخفية، خرزات الصلب: وهي مفاصله، والواحدة فقارة.
وقد حصلت المطابقة بين هذا التعليق والترجمة بقوله: واستوى أي قائمًا. نعم: في رواية كريمة: واستوى جالسًا، وحينئذ فلا مطابقة. لكن المحفوظ سقوطها.
وعزاه في الفرع وأصله للأصيلي وأبي ذر فقط، وعلى تقدير ثبوتها فيحتمل أنه عبر عن السكون بالجلوس، فيكون من باب: ذكر الملزوم وإرادة اللازم.
٨٠٠ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ: "كَانَ أَنَسٌ يَنْعَتُ لَنَا صَلَاةَ النَّبِيِّ ﷺ فَكَانَ يُصَلِّي، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَامَ حَتَّى نَقُولَ قَدْ نَسِيَ".
[الحديث ٨٠٠ - طرفه في: ٨٢١].
وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي (قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن ثابت) البناني (قال: كان أنس) ولأبي ذر والأصيلي: كان أنس بن مالك رضي إلله عنه (ينعت) بفتح العين، أي يصف (لنا صلاة النبي ﷺ، فكان يصلّي، فإذا) بالفاء، ولغير أبي ذر والأصيلي، وإذا (رفع رأسه من الركوع قام حتى نقول) بالنصب، أي: إلى أن نقول (قد نسي) وجوب الهوي إلى السجود، أو أنه في صلاة، أو ظن أنه وقت القنوت من طول قيامه، وهذا صريح في الدلالة على أن الاعتدال ركن طويل، بل هو نص فيه، فلا ينبغي العدول عنه لدليل ضعيف، وهو قولهم: لم يسنّ فيه تكرير التسبيحات كالركوع والسجود، ووجه ضعفه أنه قياس في مقابلة النص، فهو فاسد.
وقد اختار النووي جواز تطويل الركن القصير خلافًا للمرجح في المذهب، واستدلّ لذلك بحديث حذيفة عند مسلم: أنه ﷺ قرأ في ركعة بالبقرة وغيرها، ثم ركع نحوًا مما قرأ؛ ثم قام بعد أن قال: ربنا لك الحمد، قيامًا طويلاً قريبًا مما ركع.