هذا الحديث وآخر في المصراة من كتاب البيوع (أنه سمع أبا هريرة ﵁ يقول: قال رسول الله ﷺ):
(يسلّم) أي ليسلم (الراكب على الماشي) قال في شرح المشكاة: وإنما استحب ابتداء السلام للراكب لأن وضع السلام إنما هو لحكمة إزالة الخوف من الملتقيين إذا التقيا أو من أحدهما في الغالب أو لمعنى التواضع المناسب لحال المؤمن، أو للتعظيم لأن السلام إنما يقصد به أحد أمرين إما اكتساب ودّ أو استدفاع مكروه قاله الماوردي، وقال ابن بطال: تسليم الراكب لئلا يتكبر بركوبه فيرجع إلى التواضع، وقال الماوردي: لأن للراكب مزية على الماشي فعوّض الماشي بأن يبدأه الراكب احتياطًا على الراكب من الزهو (والماشي) يسلّم (على القاعد) للإيذان بالسلامة وإزالة الخوف (والقليل) كالواحد يسلّم (على الكثير) كالاثنين فأكثر على ما سبق في الباب قبله لفضيلة الجماعة، ولأن الجماعة لو ابتدؤوا الواحد لزها فاحتيط له ولم يذكر في الرواية المذكورة في الباب السابق تسليم الراكب على الماشي، ولا في رواية هذا الباب الصغير على الكبير كما ذكرها في رواية همام فكان كلاًّ منهما حفظ ما لم يحفظه الآخر، واشتمل الحديثان على أربعة اجتمعت في رواية الحسن عن أبي هريرة فيما رواه الترمذي قاله في الفتح.
والحديث أخرجه مسلم في الأدب.
٦ - باب تَسْلِيمِ الْمَاشِى عَلَى الْقَاعِدِ
(باب تسليم الماشي على القاعد) ولأبي ذر باب بالتنوين يسلّم بصيغة المضارع.
وبه قال:(حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر: حدثني (إسحاق بن إبراهيم) بن راهويه قال: (أخبرنا روح بن عبادة) بفتح الراء وسكون الواو وبعدها حاء مهملة وعبادة بضم العين وتخفيف الموحدة قال: (حدّثنا ابن جريج) عبد الملك (قال: أخبرني) بالإفراد (زياد) هو ابن سعد (أن ثابتًا) هو ابن عياض (أخبره وهو مولى عبد الرحمن بن زيد) وأما ما حكاه أبو علي الجياني أن في رواية الأصيلي عن الجرجاني عن عبد الرحمن بن يزيد بزيادة تحتية في أوله فقال الحافظ ابن حجر: إنه وهم (عن أبي هريرة ﵁ عن رسول الله ﷺ أنه قال):
(يسلّم الراكب على الماشي و) يسلّم (الماشي على القاعد و) يسلّم (القليل على الكثير) وقد أبدى صاحب الكواكب سؤالاً فقال: فإن قلت إذا كان المشاة كثيرًا والقاعدون قليلاً فباعتبار المشي