للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والموحدة رموا (الباب) بالحصاء وهي الحصاة الصغيرة تنبيهًا له لظنهم أنه نسي (فخرج اليهم) حال كونه (مغضبًا) بفتح الضاد لكونهم اجتمعوا بغير أمره ولم يكتفوا بالإشارة منه لكونه لم يخرج إليهم بل بالغوا وحصبوا بابه أو لكونه تأخر إشفاقًا عليهم لئلا تفرض عليهم وهم يظنون غير ذلك (فقال: لهم رسول الله ):

(ما زال بكم) أي متلبسًا بكم (صنيعكم) أي مصنوعكم وهو صلاتكم (حنى ظننت) أي خفت (أنه سيكتب) أي سيفرض (عليكم فعليكم بالصلاة في بيوتكم فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة) المفروضة وما شرع جماعة.

والحديث سبق في باب صلاة الليل من كتاب الصلاة.

٧٦ - باب الْحَذَرِ مِنَ الْغَضَبِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِى السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾. [الشورى: ٣٧]

(باب الحذر من الغضب) وهو شعلة نار صفة شيطانية وحقيقته غليان دم القلب بنار غضبه لإرادة الانتقام (لقول الله تعالى) في سورة الشورى: (﴿والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش﴾) أي الكبائر من هذا الجنس والكبيرة ما توعد عليه، وقرأ حمزة والكسائي كبير كقدير، ونقل الزمخشري عن ابن عباس أن الإثم هو الشرك، وتعقب بأنه تقدم ذكر الإيمان وهو يقتضي عدم الشرك، ولعل المراد بالكبائر ما يتعلق بالبدع والشبهات وبالفواحش ما يتعلق بالقوّة الشهوانية (﴿وإذا ما غضبوا﴾) من أمور دنياهم (﴿هم يغفرون﴾) [الشورى: ٣٧] أي هم الأخصاء بالغفران في حال الغضب أي يحملون ويكظمون الغيظ، وخص الغضب بلفظ الغفران لأن الغضب على طبع النار واستيلاؤه شديد ومقاومته صعبة، فلهذا خصه الله بهذا اللفظ وإذا أنصب بيغفرون ويغفرون خبر لهم والجملة عطف على الصلة وهو يجتنبون (﴿والذين﴾) ولأبي ذر وقوله ﷿: (﴿الذين﴾) (﴿ينفقون في السراء والضراء﴾) في حال اليسر والعسر وسواء كانوا في سرور أو حزن وسواء سرهم ذلك الإنفاق بأن كان على وفق طبعهم أو ساءهم بأن كان على خلافه فإنهم لا يتركونه (﴿والكاظمين الغيظ﴾) أي الممسكين الغيظ عن الإمضاء يقال: كظم القربة إذا ملأها وشدّ فاها، ومنه كظم الغيظ وهو أن يمسك على ما في نفسه منه بالصبر ولا يظهر أثرًا، والغيظ توقد حرارة القلب من الغضب. وقال ابن الأثير: كظم الغيظ تجرعه واحتمال سيئه والصبر عليه، وفي حديث سهل بن سعد عن أبيه عند أبي داود والترمذي وابن ماجة مرفوعًا من كظم غيطًا وهو يقدر أن ينفذهُ دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره في أي الحور شاء وروي عن عائشة مما

<<  <  ج: ص:  >  >>