البصري كلاهما (عن أنس بن مالك)﵁(أن رسول الله ﷺ أعتق صفية) بنت حيي (وجعل عتقها صداقها) أي أعتقها بشرط أن يتزوجها فوجب له عليها قيمتها وكانت معلومة فتزوجها بها.
وفي رواية حماد عن ثابت وعبد العزيز عن أنس قال: وصارت صفية لرسول الله ﷺ ثم تزوجها وجعل عتقها صداقها فقال عبد العزيز لثابت: يا أبا محمد أنت سألت أنسًا ما أمهرها؟ قال: أمهرها نفسها فتبسم فهو ظاهر جدًّا في أن المجعول مهرًا هو نفس العتق وقد تمسك بظاهره أبو يوسف وأحمد فقالا: إذا أعتق أمته على أن يجعل عتقها صداقها صح العقد والعتق والمهر على ظاهر الحديث، عبارة المرداوي من الحنابلة في تنقيحه، وإذا قال لأمته القن أو المدبرة أو المكاتبة أو أم ولده أو إلى المعلق عتقها على صفة أعتقتك وجعلت عتقك صداقك صح وإن كان متصلًا بحضرة شاهدين ويصح جعل صداق من بعضها رقيق عتق ذلك البعض صداق انتهى.
ومنهم من جعله من خصائصه ﷺ وممن جزم بذلك الماوردي ويحيى بن أكثم ونقله المزني عن الشافعي قال وموضع الخصوصية أنه أعتقها مطلقًا وتزوّجها بغير مهر ولا ولي ولا شهود، وهذا بخلاف غيره، وقيل المعنى أعتقها ثم تزوجها فلما لم يعلم أنس أنه ساق لها صداقًا قال أصدقها نفسها أي لم يصدقها شيئًا فيما أعلم فلم ينفِ أصل الصداق، ولهذا قال الطبري من الشافعية وابن المرابط من المالكية ومن تبعهما: أنه قول أنس قاله: ظنًّا من قبل نفسه ولم يرفعه، وعورض بما أخرجه الطبراني وأبو الشيخ من حديث صفية نفسها أنها قالت: أعتقني النبي ﷺ وجعل عتقي صداقي فيرد على القائل بأن أنسًا قاله من قبل نفسه.
(باب) جواز (تزويج المعسر لقوله تعالى: ﴿إن يكونوا فقراء﴾) من المال (﴿يغنهم الله من فضله﴾)[النور: ٣٢] فالإعسار في الحال لا يمنع التزوّج لاحتمال حصول المال في المآل وعن علي بن أبي طلب عن ابن عباس أنه قال: رغبهم الله تعالى في التزويج وأمر به الأحرار والعبيد يعني في قوله تعالى: ﴿وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم﴾ ووعدهم عليه الغنى فقال: ﴿إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله﴾، وعن سعيد بن عبد العزيز قال: بلغني أن أبا بكر الصديق ﵁ قال: أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى قال: ﴿إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله﴾ رواه ابن أبي حاتم، وعن ابن مسعود أنه قال: التمسوا الرزق في النكاح بقول الله: ﴿إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله﴾ رواه ابن جرير وذكر البغوي عن ابن عمر نحوه، وفي حديث أبي هريرة عند أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة