(هما) أي الحسنان (ريحانتاي) بتاء فوقية بعد النون بلفظ التثنية ولأبي ذر: ريحاني (من الدنيا) بغير تاء بلفظ الإفراد ووجه التشبيه أن الولد يشم ويقبل. وعند الترمذي من حديث أنس ﵁ أن النبي ﷺ كان يدعو الحسن والحسين فيشمهما ويضمهما إليه، وعند الطبراني "هما ريحانتاي من الدنيا أشمهما" وقوله "من الدنيا" كقوله ﷺ"حبب إليّ من دنياكم الطيب والنساء" أي نصيبي، ويحتمل أن يكون ابن عمر أجاب السائل عن خصوص ما سأل عنه لأنه لا يحل له كتمان العلم إلا إن حمل على أن السائل كان متعنتًا.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الأدب والترمذي في المناقب.
(باب مناقب بلال بن رباح) بفتح الراء والموحدة وبعد الألف حاه مهملة، وأمه حمامة. وكان صادق الإسلام طاهر القلب شحيحًا على دينه، وعذب في الله عذابًا شديدًا فصبر وهان على قومه فأعطوه الولدان فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول: أحد أحد، وكان أمية بن خلف ممن يوالي على بلال العذاب فكان قتله على يد بلال فقال أبو بكر ﵁ أبياتًا منها:
هنيا زادك الرحمن خيرًا … فقد أدركت ثارك يا بلال
وكان شديد الأدمة نحيفًا طوالاً خفيف العارضين من مولدي مكة مولى لبعض بني جمح، وأصله من الحبشة توفي بدمشق سنة عشرين وهو ابن ثلاث وستين سنة. وكان (مولى أبي بكر) الصديق (﵄) وعند ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن قيس بن أبي حازم أن أبا بكر ﵁ اشتراه بخمس أواق. وهو مدفون بالحجارة وسقط لفظ باب لأبي ذر (وقال) له (النبي ﷺ: سمعت دف نعليك) بفتح الدال وتشديد الفاء أي خفقهما (بين يدي) بتشديد التحتية (في الجنة) وهذا وصله في صلاة الليل.
وبه قال:(حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا عبد العزيز بن أبي سلمة) هو عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون واسم أبي سلمة دينار (عن محمد بن المنكدر) أنه قال: (أخبرنا) ولأبي ذر حدّثنا (جابر بن عبد الله) الأنصاري (﵄ قال: كان عمر) بن الخطاب ﵁(يقول: أبو بكر) الصديق ﵁(سيدنا) لأنه أفضلهم (وأعتق سيدنا) مجازًا (يعني بلالاً) قاله تواضعًا أو أنه من سادات هذه الأمة، وليس هو أفضل من عمر بلا ريب.