في هذه الثالثة (فقال: أقلني بيعتي فأبى)﵊ أن يقيله (فخرج الأعرابي) من المدينة (فقال رسول الله ﷺ):
(إنما المدينة) بزيادة إنما الساقطة في الرواية السابقة قريبًا في باب بيعة الأعراب (كالكير تنفي خبثها) رديئها (وينصع) بالتحتية (طيبها) بكسر الطاء وسكون التحتية، ولأبي ذر وتنصع بالفوقية فتاليها نصب كما سبق. والمعنى إذا نفت الخبث تميز الطيب واستقر فيها وروي تنصع بضم الفوقية من أنصع إذا أظهر ما في نفسه وتاليه مفعوله قاله العيني.
وقال في الفتح: وطيبها للجميع بالتشديد وضبطه القزاز بكسر أوله والتخفيف، ثم استشكله فقال: لم أر للنصوع في الطيب ذكرًا، وإنما الكلام يتضوّع بالضاد المعجمة وزيادة الواو الثقيلة قال: ويروى ينضخ بمعجمتين، وأغرب الزمخشري في الفائق فضبطه بموحدة وضاد معجمة وقال: هو من أبضعه بضاعة إذا دفعها إليه بمعنى أن المدينة تعطي طيبها لمن سكنها، وتعقبه الصغاني بأنه خالف جميع الرواة في ذلك. وقال ابن الأثير: المشهور بالنون والصاد المهملة.
والحديث سبق قريبًا.
٤٨ - باب مَنْ بَايَعَ رَجُلاً لَا يُبَايِعُهُ إِلاَّ لِلدُّنْيَا
(باب من بايع رجلاً) أي إمامًا (لا يبايعه إلا للدنيا) ولا يقصد طاعة الله في مبايعته.
وبه قال:(حدّثنا عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة المروزي (عن أبي حمزة) بالحاء المهملة والزاي محمد بن ميمون السكري (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن أبي صالح) ذكوان السمان (عن أبي هريرة)﵁ أنه (قال: قال رسول الله ﷺ):
(ثلاثة) من الناس (لا يكلمهم الله يوم القيامة) كلامًا يسرّهم ولكن بنحو قوله ﴿اخسؤوا فيها﴾ [المؤمنون: ١٠٨] أو لا يكلمهم بشيء أصلاً. والظاهر أنه كناية عن غضبه عليهم (ولا يزكيهم) ولا يثني عليهم (ولهم عذاب أليم) على ما فعلوه. أحدهم (رجل) كان (على فضل ماء) زائد عن حاجته (بالطريق) وفي رواية أبي معاوية بالفلاة وهي المراد بالطريق هنا (يمنع منه) أي من الزائد (ابن السبيل) أي المسافر، وفي باب إثم من منع ابن السبيل من الماء من طريق عبد الواحد بن زياد رجل كان له فضل ماء بالطريق فمنعه من ابن السبيل، والمقصود واحد وإن