وفي نسخة حدّثنا شعبة (عن قتادة) بن دعامة (عن أنس)﵁ أنه (قال انشق القمر فرقتين) وهذه الأحاديث الخمسة مدارها عن ابن مسعود وابن عباس وأنس فأما حديث ابن مسعود ففيه التصريح بحضوره ذلك حيث قال ونحن مع النبي ﷺ فقال لنا اشهدوا، وأما أنس فلم يحضر ذلك لأنه كان بالمدينة ابن أربع أو خمس سنين وكان الانشقاق بمكة قبل الهجرة بنحو خمس سنين وأما ابن عباس فلم يكن إذ ذاك ولد لكن روى ذلك عن جماعة من الصحابة.
هذا (باب) بالتنوين أي في قوله تعالى: (﴿تجري﴾) السفينة (﴿بأعيننا﴾) بمرأى منا أي محفوظة بحفظنا (﴿جزاء﴾) نصب على المفعول له ناصبه ففتحنا وما بعده أو على المصدر بفعل مقدر أي جزيناهم جزاء (﴿لمن كان كفر﴾) أي فعلنا ذلك جزاء لنوح لأنه نعمة كفروها فإن كل نبي نعمة من الله على أمته (﴿ولقد تركناها﴾) السفينة أو الفعلة (﴿آية﴾) لمن يعتبر حتى شاع خبرها واستمرّ (﴿فهل من مدكر﴾)[القمر: ١٤، ١٥] متعظ وسقط لأبي ذر ولقد تركناها الخ، ولغيره لفظ باب.
(قال قتادة) فيما وصله عبد الرزاق (أبقى الله سفينة نوح حتى أدركها أوائل هذه الأمة) وزاد عبد الرزاق على الجوديّ، وعند ابن أبي حاتم عنه قال: أبقى الله السفينة في أرض الجزيرة عبرة وآية حتى نظرت إليها أوائل هذه الأمة. وكم من سفينة بعدها صارت رمادًا. وقال ابن كثير: الظاهر يعني من قوله (ولقد تركناها آية) أن المراد من ذلك جنس السفن كقوله تعالى: ﴿وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون﴾ [يس: ٤١].
وبه قال:(حدّثنا حفص بن عمر) الحوضي قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي (عن الأسود) بن يزيد (عن عبد الله) بن مسعود ﵁ أنه (قال: كان النبي ﷺ يقرأ: ﴿فهل من مدَّكر﴾) بالدال المهملة وأصله كما مر مذتكر بذال معجمة فاستثقل الخروج من حرف مجهور وهو الذال إلى حرف مهموس وهو التاء فأبدلت التاء دالًا مهملة لتقارب مخرجيهما ثم أدغمت المعجمة في المهملة بعد قلب المعجمة إليها للتقارب وقرأ بعضهم مذكر بالمعجمة، ولذا قال ابن مسعود أنه ﵇ قرأها مدكر يعني بالمهملة.