وحكم محض الرياء بالعبادة إبطالها وإن اجتمع قصد الرياء وقصد العبادة أعطي الحكم للأقوى، فيحتمل الوجهين في إسقاط الفرض به والمصر على إطلاع الغير على عبادته إن كان لغرض دنيوي كإفضائه إلى الاحترام أو شبهه فهو مذموم وإن كان لغرض أخروي كالفرح بإظهار الله جميله وستره قبيحه أو لرجاء الاقتداء به فممدوح وعليه يحمل ما يحدث به الأكابر من الطاعات، وليس من الرياء ستر المعصية بل ممدوح وإن عرض له الرياء في أثناء العبادة ثم زال قبل فراغها لم يضر، ومتى علم من نفسه القوّة أظهر القربة، وقد قيل: العمل ولو خفت عجبًا مستغفرًا منه.
والحديث أخرجه مسلم في آخر الكتاب وابن ماجة في الزهد والله الموفق.
٣٧ - باب مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِى طَاعَةِ اللَّهِ
وبه قال:(حدّثنا هدبة بن خالد) بضم الهاء وسكون المهملة بعدها موحدة ابن الأسود القيسي البصري ويقال له هداب بفتح أوله وتشديد ثانيه قال: (حدّثنا همام) هو ابن يحيى بن دينار العوذي بفتح العين المهملة وسكون الواو وكسر المعجمة البصري قال: (حدّثنا قتادة) بن دعامة قال: (حدّثنا أنس بن مالك عن معاذ بن جبل ﵁) أنه (قال: بينما) بالميم ولأبي ذر بينا بإسقاطها (أنا رديف النبي ﷺ) راكب خلفه (ليس بيني وبينه إلا آخرة الرحل) بمد الهمزة وكسر الخاء المعجمة والرحل بالحاء المهملة الساكنة العود الذي يستند إليه الراكب من خلفه، وذكره للمبالغة في شدة قربه ليكون أوقع في نفس سامعه أنه ضبطه وفي رواية عمرو بن ميمون عن معاذ كنت ردف النبي ﷺ على حمار يقال له عفير فيحتمل أن يكون المراد بآخرة الرحل موضع آخرة الرحل للتصريح بأنه كان على حمار (فقال) لي:
(يا معاذ قلت: لبيك يا رسول الله) لبيك بالتثنية أي إجابة بعد إجابة وهو نصب على المصدر (وسعديك) أي ساعدت طاعتك مساعدة بعد مساعدة وإسعادًا بعد إسعاد منصوب أيضًا