(فوالله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت) من صحة احتجاجه (أنه الحق) لا أنه قلده في ذلك لأن المجتهد لا يقلد مجتهدًا والمستثنى منه في قوله ما هو إلا أن رأيت غير مذكور أي ليس الأمر شيئًا إلا علمي بأن أبا بكر محق وهو نحو قوله تعالى: ﴿وما هي إلا حياتنا الدنيا﴾ [الجاثية: ٢٤] هي ضمير مبهم يفسره ما بعده.
والحديث سبق في الزكاة.
٤ - باب إِذَا عَرَّضَ الذِّمِّىُّ وَغَيْرُهُ بِسَبِّ النَّبِيِّ ﷺ-
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (إذا عرض الذمي) اليهودي أو النصراني (وغيره) أي غير الذمي كالمعاهد ومن يظهر إسلامه وعرض بتشديد الراء أي كنى ولم يصرح (بسب النبي ﷺ) أي بتنقيصه (ولم يصرح) بذلك وهو تأكيد إذ التعريض خلاف التصريح (نحو قوله: السام عليك) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: عليكم بالجمع، واعترض بأن هذا اللفظ ليس فيه تعريض بالسب فلا مطابقة بينه وبين الترجمة. وأجيب بأنه أطلق التعريض على ما يخالف التصريح ولم يرد التعريض المصطلح وهو أن يستعمل اللفظ في حقيقته يلوح به إلى معنى آخر يقصده.
وبه قال:(حدّثنا محمد بن مقاتل أبو الحسن) الكسائي نزيل بغداد ثم مكة قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي قال: (أخبرنا شعبة) بن الحجاج (عن هشام بن زيد بن أنس) ولغير أبي ذر زيادة ابن مالك (قال: سمعت) جدي (أنس بن مالك)﵁(يقول: مرّ يهودي برسول الله ﷺ فقال: السام) بألف بعد المهملة من غير همز أي الموت (عليك) بالإفراد اتفاقًا من رواة أنس (فقال رسول الله ﷺ) له:
(وعليك) بالإفراد (فقال رسول الله ﷺ: أتدرون ما يقول)؟ ولأبي ذر: ماذا يقول (قال: السام عليك. قالوا: يا رسول الله ألا) بالتخفيف (نقتله؟ قال: لا) تقتلوه (إذا سلّم عليكم أهل الكتاب فقولوا) لهم: (وعليكم) أي ما تستحقونه من اللعن والعذاب، قيل وإنما لم يقتله لأنه لم يحمل ذلك على السب بل على الدعاء بالموت الذي لا بدّ منه، ومن ثم قال في الرد عليه وعليك أي الموت نازل عليّ وعليك فلا معنى للدعاء به وليس ذلك بصريح في السب.