للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤١ - باب قِصَّةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ وَقَوْلِهِ ﷿: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِى لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾. ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ -إِلَى قَوْلِهِ- ﴿بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾.

(باب قصة فاطمة بنت قيس) أي ابن خالد الأكبر الفهرية أخت الضحاك من المهاجرات الأول (وقوله ﷿ ولأبي ذر وقول الله ﷿: (﴿واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن﴾) أي لا تخرجوا المطلقات طلاقًا بائنًا بخلع أو ثلاث حاملًا كانت أو حائلًا غضبًا عليهن وكراهية لمساكنتهن أو لحاجة لكم إلى المساكن ولا تأذنوا لهن في الخروج إذا طلبن ذلك إيذانًا بأن إذنهم لا أثر له في رفع الحظر (﴿من بيوتهن﴾) مساكنهن التي يسكنها قبل العدّة وهي بيوت الأزواج وأضيفت إليهن لاختصاصها بهن من حيث السكنى (﴿ولا يخرجن﴾) بأنفسهن إن أردن ذلك، ولو وافق الزوج وعلى الحاكم المنع منه لأن في العدة حقًّا لله تعالى، وقد وجبت في ذلك المسكن. وفي الحاوي والمهذّب وغيرهما، من كتب العراقيين أن للزوج أن يسكنها حيث شاء لأنها في حكم الزوجة، وبه جزم النووي في نكته، قال السبكي: والأول أولى لإطلاق الآية، والأذرعي أنه المذهب المشهور والزركشي أنه الصواب (﴿إلاّ أن يأتين بفاحشة مبينة﴾) قيل: هي الزنا أي إلا أن يزنين فيخرجن لإقامة الحدّ عليهن قاله ابن مسعود، وبه أخذ أبو يوسف وقيل خروجها قبل انقضاء العدة فاحشة في نفسه قاله النخعي، وبه أخذ أبو حنيفة، وقال ابن عباس: الفاحشة نشوزها وأن تكون بذيّة اللسان على أحمائها. قال الشيخ كمال الدين بن الهمام: وقول ابن مسعود أظهر من جهة وضع اللفظ له لأن إلا أن غاية والشيء لا يكون غاية لنفسه وما قاله النخعي أبدع وأعذب في الكلام كما يقال في الخطابيات لا تزن إلا أن تكون فاسقًا ولا تشتم أمك إلا أن تكون قاطع رحم ونحوه وهو بديع بليغ جدًّا (﴿وتلك حدود الله﴾) أي الأحكام المذكورة (﴿ومن يتعد حدود الله فقد ظل نفسه لا تدري﴾) أيها المخاطب (﴿لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا﴾) [الطلاق: ١] بأن يقلب قلبه من بغضها إلى محبتها أو من الرغبة عنها إلى الرغبة فيها أو من عزيمة الطلاق إلى الندم عليه فيراجعها، والمعنى فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدّة ولا تخرجوهن من بيوتهن لعلكم تندمون فتراجعون. ثم ابتدأ المصنف بآية أخرى من سورة الطلاق فقال:

(﴿أسكنوهن من حيث سكنتم﴾) من للتبعيض حذف مبعضها أي أسكنوهن مكانًا من حين سكنتم أي بعض مكان سكناكم (﴿من وجدكم﴾) عطف بيان لقوله: ﴿من حيث سكنتم﴾ وتفسير له كأنه قيل أسكنوهن مكانًا من مسكنكم مما تطيقونه والوجد الوسع والطاقة (﴿ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن﴾) من المسكن ببعض الأسباب حتى تضطروهن إلى الخروج (﴿وإن كن﴾) أي المطلقات

<<  <  ج: ص:  >  >>