ففيه: أنه لا ينزل الميت في قبره إلا الرجال متى وجدوا، وإن كان الميت امرأة، بخلاف النساء لضعفهن عن ذلك غالبًا، ولأنه معلوم أنه كان لبنت النبي ﷺ، محارم من النساء، كفاطمة، وغيرها. نعم، يندب لهن كما في شرح المهذّب: أن يلين حمل المرأة من مغتسلها إلى النعش، وتسليمها إلى من في القبر، وحل ثيابها فيه.
وقد كان عثمان أولى بذلك من أبي طلحة لأن الزوج أحق من غيره بمواراة زوجته، وإن خالط غيرها تلك الليلة، وإن لم يكن له حق في الصلاة، لأن منظوره أكثر. لكن عثمان، ﵁، قارف تلك الليلة، فباشر جارية له، وبنت رسول الله ﷺ محتضرة، فلم يعجبه ﷺ كونه شغل عن المحتضرة بذلك، لصيانة جلالة محل ابنته، ﷺ، ورضي عنها. قال ابن المنير: ففيه خصوصية.
(قال: فنزل) أبو طلحة (في قبرها، فقبرها) أي: لحدها. وسقط قوله: فقبرها، عند الأصيلي، وأبي ذر، وابن عساكر.
(قال ابن مبارك) عبد الله. ولأبي ذر: قال ابن المبارك، بالتعريف أي: مما وصله الإسماعيلي: (قال فليح) يعني: ابن سليمان: (أراه) بضم الهمزة، أي أظنه (يعني) بقوله: يقارف (الذنب). لكن المرجح التفسير الأول، ويؤيده ما في بعض الروايات بلفظ: لا يدخل القبر أحد قارف أهله البارحة. فتنحى عثمان، ﵁، وقد قال ابن حزم: معاذ الله أن يتبجح أبو طلحة عند رسول الله، ﷺ، بأنه لم يذنب تلك الليلة، لكن أنكر الطحاوي تفسيره: بالجماع، وقال: بل معناه: لم يقاول، لأنهم كانوا يكرهون الحديث بعد العشاء.
(قال أبو عبد الله) البخاري مؤيدًا لقول ابن المبارك، عن فليح:(﴿ليقترفوا﴾)[الأنعام: ١١٣] معناه: (أي ليكتسبوا). أو أراد المؤلّف بذلك توجيه الكلام المذكور، وأن لفظ: المقارفة في الحديث أريد به ما هو أخص من ذلك؛ وهو الجماع، وهذا الذي فسر به الآية موافق لتفسير ابن عباس، ومشى عليه البيضاوي وغيره، فقال ﴿وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ﴾ [الأنعام: ١١٣] وسقط في رواية الحموي والمستملي، وثبت في رواية الكشميهني.
٧٣ - باب الصَّلَاةِ عَلَى الشَّهِيدِ
(باب) حكم (الصلاة على الشهيد) وهو: المقتول في معركة الكفار، لو كان امرأة، أو رقيقًا، أو صبيًا، أو مجنونًا. وقد خرج بالتقييد: بالمعركة، من جرح وعاش بعد ذلك حياة مستقرة، وخرج من سمي شهيدًا بسبب غير السبب المذكور كالغريق، والمبطون، والمطعون، فتسميتهم شهداء باعتبار الثواب في الآخرة، فقط.