الرسول ﵊ بالصدق من شأنه بأنه لم يكن له عذر عن التخلف (فوالله ما أعلم أحدًا أبلاه الله) بالموحدة الساكنة أي أنعم الله عليه (في صدق الحديث أحسن مما أبلاني ما تعمدت منذ) بالنون ولأبي ذر مذ (ذكرت ذلك) القول الصدق (لرسول الله ﷺ إلى يومي هذا كذبًا وأنزل الله ﷿ على رسوله ﷺ: ﴿لقد تاب الله على النبي والمهاجرين﴾) ولأبي ذر زيادة ﴿والأنصار﴾ (إلى قوله ﴿وكونوا مع الصادقين﴾).
(باب قوله)﷿(﴿لقد جاءكم رسول﴾) يعني محمدًا (﴿من أنفسكم﴾) من جنسكم صفة لرسول أي من صميم العرب وقرأ ابن عباس وأبو العالية وابن محيصن ومحبوب عن أبي عمرو ويعقوب من بعض طرقه وهي قراءته ﷺ وفاطمة وعائشة بفتح الفاء أي من أشرفكم، وقال الزجاج هي مخاطبة لجميع العالم والمعنى: لقد جاءكم رسول من البشر وإنما كان من الجنس لأن الجنس إلى الجنس أميل ثم رتب عليه صفات أخرى لتعداد المنن على المرسل إليهم فقال (﴿عزيز عليه﴾) أي شديد شاق (﴿ما عنتم﴾) عنتكم أي إثمكم وعصيانكم فما مصدرية وهي مبتدأ وعزيز خبر مقدم ويجوز أن يكون ما عنتم فاعلاً بعزيز وعزيز صفة لرسول ويجوز أن تكون ما موصولة أي يعز عليه الذي عنتموه أي عنتم بسببه فحذف العائد على التدريج كقوله:
يسر المرء ما ذهب الليالي … وكان ذهابهن له ذهابا
أي يسره ذهاب الليالي (﴿حريص عليكم﴾) أن تدخلوا الجنة (﴿بالمؤمنين رؤوف رحيم﴾)[التوبة: ١٢٨] وهي أشد الرحمة ولم يجمع الله اسمين من أسمائه لأحد غير نبينا ﷺ قاله الحسين بن الفضل وسقط لأبي ذر قوله: ﴿حريص﴾ الخ وقال بعد قوله: ﴿عنتم﴾ الآية.