للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قلت: ما وجه إدخال ثم هنا حيث كانت الإفاضة المذكورة بعدها هي بعينها الإفاضة المذكورة قبلها فما معنى عطف الأمر بها بكلمة ثم الدالة على التراخي على الأمر بالذكر المتأخر عنها، وكيف موقع ثم من كلام البلغاء؟ فقال البيضاوي كالزمخشري: وثم لتفاوت ما بين الإفاضتين كما في قولك: أحسن إلى الناس ثم لا تحسن إلى غير كريم، وزاد الزمخشري: تأتي بثم لتفاوت ما بين الإحسان إلى الكريم والإحسان إلى غيره وبعد ما بينهما، فكذلك حين أمرهم بالذكر عند الإفاضة من عرفات قال: ثم أفيضوا التفاوت ما بين الإفاضتين وأن إحداهما صواب والأخرى خطأ اهـ.

وتعقبه أبو حيان فقال: ليست الآية كالمثال الذي مثله، وحاصل ما ذكر أن ثم تسلب الترتيب وأن لها معنى غيره سماه بالتفاوت والبعد لما بعدها مما قبلها ولم يجر في الآية أيضًا ذكر الإفاضة الخطأ فتكون ثم في قوله: ﴿ثم أفيضوا﴾ جاءت لبعد ما بين الإفاضتين وتفاوتهما ولا نعلم أحدًا سبقه إلى إثبات هذا المعنى لثم اهـ.

وقيل ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾ وهم الحمس أي المزدلفة إلى منى بعد الإفاضة من عرفات اهـ.

فيكون المراد بالناس هنا المعهودين وهم الحمس ويكون هذا الأمر أمرًا بالإضافة من المزدلفة إلى منى بعد الإفاضة من عرفات.

(قال:) عروة ولابن عساكر: قالت أي عائشة (كانوا) أي الحمس (يفيضون من جمع) من المزدلفة (فدفعوا) بضم الدال المهملة مبنيًّا للمفعول أي أمروا بالذهاب (إلى عرفات) حيث قيل لهم أفيضوا، وللكشميهني: فرفعوا بالراء بدل الدال، ولمسلم: رجعوا إلى عرفات يعني أمروا أن يتوجهوا إلى عرفات ليقفوا بها ثم يفيضوا منها.

٩٢ - باب السَّيْرِ إِذَا دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ

(باب السير إذا دفع من عرفة).

١٦٦٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ "سُئِلَ أُسَامَةُ وَأَنَا جَالِسٌ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَسِيرُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ حِينَ دَفَعَ؟ قَالَ: كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ". قَالَ هِشَامٌ: وَالنَّصُّ فَوْقَ الْعَنَقِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَجْوَةٌ: مُتَّسَعٌ، وَالْجَمِيعُ فَجَوَاتٌ وَفِجَاءٌ، وَكَذَلِكَ رَكْوَةٌ وَرِكَاءٌ. مَنَاصٌ لَيْسَ حِينَ فِرَارٍ.

[الحديث ١٦٦٦ - طرفاه في: ٢٩٩٩، ٤٤١٣].

وبالسند قال: "حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) هو ابن أنس الأصبحي الإمام (عن هشام بن عروة) بن الزبير (عن أبيه أنّه قال: سئل أسامة) بن زيد بن حارثة

<<  <  ج: ص:  >  >>