(باب قوله)﷿: (﴿وإذ قالوا اللهم إن كان هذا﴾) أي القرآن (﴿هو الحق من عندك﴾) منزلًا (﴿فأمطر علينا حجارة من السماء﴾) عقوبة لنا على إنكاره وفائدة قوله من السماء والأمطار لا تكون إلا منها المبالغة في العذاب فإنها محل الرحمة كأنهم قالوا بدّل رحمتك النازلة من السماء بنزول العذاب منها أو أنها أشد تأثيرًا إذا سقطت من أعلى الأماكن (﴿أو ائتنا بعذاب أليم﴾)[الأنفال: ٣٢]. بنوع آخر والمراد نفي كونه حقًا وإذا انتفى كونه حقًا لم يستوجب منكره عذابًا فكان تعليق العذاب بكونه حقًا مع اعتقاده أنه ليس بحق كتعليقه بالمحال في قولك إن كان الباطل حقًا فأمطر علينا حجارة وهذا من عنادهم وتمرّدهم.
روي أن معاوية قال لرجل من سبأ: ما أجهل قومك حين ملكوا عليهم امرأة؟ فقال: أجهل من قومي قومك حين قالوا: إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء ولم يقولوا فاهدنا له.
وروي أن النضر بن الحارث لعنه الله لما قال: إن هذا إلا أساطير الأولين، قال النبي ﷺ:"ويلك إنه كلام الله" فقال هو وأبو جهل: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك، وإسناده إلى الجمع إسناد ما فعله رئيس القوم إليهم، وثبت باب قوله لأبي ذر وسقط له من قوله علينا حجارة الخ. وقال بعد قوله: ﴿فأمطر﴾ الآية.
(قال ابن عيينة) سفيان في تفسيره رواية سعيد بن عبد الرحمن المخزومي: (ما سمى الله تعالى مطرًا في القرآن إلاّ عذابًا) أو ردّ عليه قوله تعالى: ﴿إن كان بكم أذى من مطر﴾ فإن المراد به المطر قطعًا ونسبة الأذى إليه بالبلل والوحل الحاصل منه لا يخرجه عن كونه مطرًا (وتسمية العرب الغيث وهو قوله تعالى: ﴿وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا﴾)[الشورى: ٢٨] وثبت قوله: وهو الذي في الفرع وسقط من أصله.