وبه قال:(حدّثنا خلاد بن يحيى) بتشديد اللام ابن صفوان الكوفي السلمي سكن مكة، وتوفي سنة سبع عشرة ومائتين (قال: حدّثنا إبراهيم بن نافع) المخزومي الكوفي (عن الحسن بن مسلم) بن يناق بفتح المثناة التحتية وتشديد النون وبالقاف المكي (عن صفية بنت شيبة) بن عثمان الحجبي القرشي العبدري وهي وأبوها من الصحابة لكنها من صغارهم، وللإسماعيلي أنه سمع صفية (عن عائشة)﵂(قالت):
(كنا إذا أصاب) ولكريمة أصابت (إحدانا) أي من أزواج النبي ﷺ(جنابة أخذت بيديها) الماء
فصبته (ثلاثًا فوق رأسها) ولكريمة والأصيلي وأبي ذر عن الكشميهني والمستملي بيدها بالإفراد (ثم تأخذ بيدها) وفي بعض الأصول يدها بدون حرف الجرّ فينصب بنزع الخافض أو يجرّ بتقدير مضاف أي أخذت ملء يديها فتصبه (على شقها الأيمن و) تأخذ (بيدها الأخرى) فتصبه (على شقها الأيسر) أي من الرأس فيهما لا من الشخص وهذا من محاسن استنباطات المؤلف، وبه تحصل المطابقة بين الحديث والترجمة.
وقال ابن حجر: والذي يظهر أنه حمل الثلاث في الرأس على التوزيع، وظاهره أن الصب بكل يد على شق في حالة واحدة، لكن العادة إنما هي الصب باليدين معًا فتحمل اليد على الجنس الصادق عليهما، وعلى هذا فالمغايرة بين الأمرين بحسب الصفة وهو أخذ الماء أوّلاً وأخذه ثانيًا وإن لم تدل على الترتيب فلفظ أخرى يدل على سبق أولى وهي اليمنى، وللحديث حكم الرفع لأن الصحابي إذا قال: كنا نفعل أو كانوا يفعلون فالظاهر إطلاع النبي ﷺ على ذلك، وتقريره سواء صرح الصحابي بإضافته إلى الزمن النبوي أم لا.
ورواة هذا الحديث الخمسة مكيّون وخلاد سكنها وفيه التحديث والعنعنة ورواية صحابية عن صحابية، وأخرجه أبو داود. (بسم الله الرحمن الرحيم) هكذا لأبي ذر وسقطت لغيره كما في الفرع.
(باب من اغتسل عريانًا) حال كونه (وحده في الخلوة) وللكشميهني في خلوة أي من الناس وهي تأكيد لقوله وحده واللفظان متلازمان بحسب المعنى، (ومن تستر) عطف على من اغتسل السابق وللحموي والمستملي ومن يستتر (فالتستر) ولأبوي الوقت وذر والأصيلي وابن عساكر والتستر (أفضل) بلا خلاف، ويفهم منه جواز الكشف للحاجة كالاغتسال كما هو مذهب الجمهور خلافًا لابن أبي ليلى لحديث أبي داود مرفوعًا "إذا اغتسل أحدكم فليستتر" قاله لرجل رآه يغتسل عريانًا وحده. وفي مراسيله حديث: لا تغتسلوا في الصحراء إلا أن تجدوا متوارى فإن لم تجدوا متوارى فليخط أحدكم كالدائرة فليسمّ الله تعالى وليغتسل فيه. وهذا حكاه الماوردي وجهًا لأصحابنا فيما إذا