خبت وخسرت، وزاد ليث فإنك لا تدري يا عبد الله ما اسمك غدًا أي هل يقال لك شقي أم سعيد؟ أو هل يقال لك حي أو ميت؟
وفي حديث ابن عباس عند الحاكم أن النبي ﷺ قال لرجل وهو يعظه:"اغتنم خمسًا قبل خمس. شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك" فالعاقل إذا أمسى لا ينتظر الصباح وإذا أصبح لا ينتظر المساء بل يظن أن أجلهُ يدركه قبل ذلك فيعمل ما يلقى نفعه بعد موته ويبادر أيام صحته بالعمل الصالح فإن المرض قد يطرأ فيمنع من العمل فيخشى على من فرط من ذلك أن يصل إلى المعاد بغير زاد فمن لم ينتهز الفرصة يندم وما أحسن قول من قال:
إذا هبت رياحك فاغتنمها … فإن لكل خافقة سكون
ولا تغفل عن الإحسان فيها … فما تدري السكون متى يكون
(باب) بالتنوين (في الأمل وطوله) بفتح الهمزة والميم وهو الرجاء فيما تحبه النفس من طول عمر وزيادة غنى يقال أمل خيره يأمله أملاً، وكذلك التأميل ومعناه قريب من التمني، وقيل الفرق بينهما أن الأمل ما تقدم سببه والتمني بخلافه، وقيل الأمل إرادة الشخص تحصيل شيء يمكن حصوله فإذا فاته تمناه والرجاء تعليق القلب بمحبوب ليحصل في المستقبل والفرق بين الرجاء والتمني أن التمني يورث صاحبه الكسل ولا يسلك طريق الجهد والجد وبعكسه صاحب الرجاء فالرجاء محمود والتمني معلول كالأمل إلا للعالم في العلم فلولا طول أمله ما صنف ولا ألّف، وفي الأمل سر لطيف لأنه لولا الأمل ما تهنى أحد بعيش ولا طابت نفسه أن يشرع في عمل من أعمال الدنيا، وإنما المذموم منه الاسترسال فيه وعدم الاستعداد لأمر الآخرة.
(وقول الله تعالى) ولأبي ذر وقوله تعالى: (﴿فمن زحزح﴾) بعد (﴿عن النار وأدخل الجنة فقد فاز﴾) ظفر بالخير، وقيل فقد حصل له الفوز المطلق، وقيل الفوز نيل المحبوب والبعد عن المكروه