حديث أكثم بن أبي الجون عند الطبراني فقلنا: يا رسول الله فلان يجزي في القتال؟ قال:"هو في النار". قلنا: يا رسول الله إذا كان فلان في عبادته واجتهاده ولين جانبه في النار فأين نحن؟ قال:"ذاك إخبات النفاق".
(فقال رسول الله ﷺ عند ذلك: إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو) أي يظهر (للناس وهو من أهل النار وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو) أي يظهر (للناس وهو من أهل الجنة). قال النووي: فيه التحذير من الاغترار بالأعمال وإنه ينبغي للعبد أن لا يتكل عليها ولا يركن إليها مخافة من انقلاب الحال للقدر السابق، وكذا ينبغي للعاصي أن لا يقنط ولغيره أن لا يقنطه من رحمة الله تعالى.
ومطابقة الحديث للترجمة من حيث أنهم شهدوا برجحانه في أمر الجهاد فلو كان قتل لم يمتنع أن يشهدوا له بالشهادة فلما ظهر أنه لم يقاتل الله وإنما قاتل غضبًا علم أنه لا يطلق على كل مقتول في الجهاد أنه شهيد لاحتمال أن يكون مثل هذا. نعم أطلقها السلف والخلف بناء على الظاهر، أما من استشهد معه ﷺ كشهداء أُحُد وبدر ونحوهم فلا خفاء به ظاهر أو الظاهر أن من بعدهم كذلك، وقد أجع الفقهاء على أن شهيد المعركة لا يغسل وللفقيه إذا سئل عن مؤمن قتل كذلك أن يقول هو شهيد، والذي منعه ﷺ أن يطلقه الإنسان جزمًا على الغيب وهذا ممنوع حتى في زمانه ﵊ إلاّ بوحي خاص. قاله ابن المنير.
وهذا الحديث أيضًا في المغازي ومسلم في الإيمان والقدر.
(باب التحريض على الرمي) بالسهام. (وقول الله تعالى) بالجر عطفًا على التحريض، ولأبي ذر ﷿ بدل قوله تعالى:(﴿وأعدّوا﴾) أيها المؤمنون (﴿لهم﴾) لناقضي العهد أو الكفار (﴿ما استطعتم من قوّة﴾) من كل ما يتقوى به في الحرب، وفي حديث مسلم عن عقبة بن عامر مرفوعًا ﴿وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة﴾ "ألا أن القوة الرمي" قالها ثلاثًا. وخصّه ﵊ بالذكر لأنه أقواه. قاله البيضاوي كالزمخشري، وتعقبه الطيبي بأن تفسير النبي ﷺ القوة بالرمي يخالف ما ذكره ولأن ما في قوله تعالى: ﴿ما استطعتم﴾ موصوله والعائد محذوف ومن قوة بيان له فالمراد بها نفس القوة وفي هذا البيان والمبين إشارة إلى أن هذه العادة لا تستثبت بدون المعالجة والإدمان الطويل وليس شيء من عدة الحرب وأداتها أحوج إلى المعالجة والإدمان عليها مثل القوس والرمي بها ولذلك كرر ﵊ تفسير القوة بالرمي (﴿ومن رباط الخيل﴾) أي التي تربط في سبيل الله تعالى فعال