للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بل لفاعل مقدّر دلّ عليه ما قبله أي ولا يشرب الشارب الخمر، تعقبه العلاّمة البدر الدماميني فقال في كلامه تدافع فتأمله، ووجه التدافع كونه قال فيه حذف الفاعل ثم قال فإن الضمير لا يرجع إلى الزاني بل لفاعل مقدّر لأن الفاعل عمدة فلا يحذف وإنما هو ضمير مستتر في الفعل (ولا يسرق) أي السارق (حين يسرق وهو مؤمن) كامل (ولا ينتهب) الناهب (نهبة يرفع الناس إليه) أي إلى المنتهب (فيها) أي في النهبة (أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن) كامل فالمراد سلب كمال الإيمان دون أصله أو المراد من فعل ذلك مستحلاًّ له أو هو من باب الإنذار بزوال الإيمان إذا اعتاد هذه المعاصي واستمر عليها.

وقال في المصابيح: انظر ما الحكمة في تقييد الفعل المنفي بالظرف في الجميع أي لا يزني الزاني حين يزني ولا يشرب الخمر حين يشربها ولا يسرق حين يسرق ولا ينتهب نهبة حين ينتهبها ويظهر لي والله أعلم أن ما أضيف إليه الظرف هو من باب التعبير عن الفعل بإرادته وهو كثير في كلامهم أي لا يزني الزاني حين إرادته الزنا وهو مؤمن لتحقّق قصده وانتفاء ما عداه بالسهو لوقوع الفعل منه في حين إرادته وكذا البقية فذكر القيد لإفادة كونه متعمدًا لا عذر له انتهى.

ومطابقة الحديث للترجمة في قوله ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم لأنه يستفاد منه التقييد بالإذن في الترجمة لأن رفع البصر إلى المنتهب في العادة لا يكون إلا عند عدم الإذن، ومفهوم الترجمة أنه إذن جاز ومحله في المنهوب المبتاع كالطعام يقدم للقوم فلكلٍّ منهم أن يأكل مما يليه ولا يجذب من غيره إلا برضاه.

وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا في الحدود ومسلم في الإيمان والنسائي في الأشربة وابن ماجة في الفتن.

(وعن سعيد) هو ابن المسيب (وأبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (عن أبي هريرة) (عن النبي- مثله) أي مثل حديث أبي بكر بن عبد الرحمن (إلا النهبة) فلم يذكرها فانفرد أبو بكر بن عبد الرحمن بزيادتها.

(قال الفربري) محمد بن يوسف (وجدت بخط أبي جعفر) هو ابن أبي حاتم ورّاق المؤلّف. (قال أبو عبد الله) أي المؤلّف (تفسيره) أي تفسير قوله: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن (أن ينزع منه يريد الإيمان) كذا في فرعين لليونينية وروايته فيها عن المستملي بلفظ يريد من الإرادة. وقال في فتح الباري: نور الإيمان والإيمان هو التصديق بالجنان والإقرار باللسان ونوره الأعمال الصالحة واجتناب المناهي فإذا زنى أو شرب الخمر أو سرق ذهب نوره وبقي صاحبه في الظلمة.

٣١ - باب كَسْرِ الصَّلِيبِ وَقَتْلِ الْخِنْزِيرِ

(باب كسر الصليب وقتل الخنزير).

<<  <  ج: ص:  >  >>