عن المستثنى منه فتفوت المشاكلة بالبدلية، وإما لكون المستثنى عرض في آخر الكلام ولم يكن مقصودًا أولاً.
(وعن خالد) هو عطف على قوله حدّثنا خالد داخل في الإسناد السابق (عن عكرمة) أنه (قال): لخالد (هل تدري ما) الشيء الذي ينفر صيد مكة؟ أي ما الغرض من قوله:(لا ينفر صيدها؟ هو) أي التنفير (أن ينحيه) المنفر (من الظل ينزل مكانه) بصيغة الغائب فيرجع الضمير للمنفر، والضمير في قوله مكانه للصيد، ولأبي الوقت: أن تنحيه من الظل تنزل بالخطاب، والجملة وقعت حالاً، والمراد بذلك التنبيه على المنع من الإتلاف وسائر أنواع الأذى وهو تنبيه بالأدنى على الأعلى فيحرم التعرض لكل صيد بريّ وحشي مأكول كبقر وحش ودجاجة وحمامة أو ما أحد أصليه برّي وحشي مأكول كمتولد بين حمار وحشي وحمار أهلي أو بين شاة وظبي، ويجب بإتلافه الجزاء لقوله تعالى: ﴿ومن قتله منكم متعمدًا﴾ [المائدة: ٩٥] كما مرّ وللسبب حكم المباشرة في الضمان فمن نصب شبكة وهو محرم أو في الحرم ضمن ما وقع فيها وتلف ولو نصبها وهو حلال ثم أحرم فلا ضمان، وكذا يحرم التعرض إلى جزء البري المذكور كلبنه وشعره وريشه بقطع أو غيره فإنه أبلغ من التنفير المذكور وفارق الشعر ورق أشجار الحرم حيث لا يحرم التعرض له بأن جزه يضر الحيوان في الحر والبرد بخلاف الورق فإن حصل مع تعرضه للبن نقص في الصيد ضمنه، فقد سئل الشافعي عمن حلب عنزًا من الظبي وهو محرم: فقال: تقوم العنز باللبن وبلا لبن وينظر نقص ما بينهما فيتصدق به. وقد خرج بالبري البحري وهو ما لا يعيش إلا في البحر فلا يحرم التعرض له وإن كان البحر في الحرم وما يعيش في البر والبحر بري تغليبًا للحرمة وبالمأكول وما عطف عليه ما لا يؤكل وما لا يكون في أصله ما ذكر فمنه ما هو مؤذ فيستحب قتله للمحرم وغيره كنمر ونسر وبق وبرغوت، ولو ظهر على المحرم قمل لم تكره تنحيته ومنه ما ينفع ويضر كفهد وصقر وباز فلا يستحب قتله لنفعه وهو تعلمه الاصطياد، ولا يكره لضرره وهو عدوه على الناس والبهائم، ومنه ما لا يظهر فيه نفع ولا ضرر كسرطان ورخمة وجعلان وخنافس فيكره قتله، ويحرم قتل وإنما السليماني والنحل والخطاف والهدهد والصرد وبالمتوحش الأنسي كنعم ودجاج أنسيين.
هذا (باب) بالتنوين (لا يحل القتال بمكة) أي فيها (وقال): ولأبي الوقت قال: (أبو شريح) خويلد السابق (﵁) مما وصله قبل (عن النبي ﷺ لا يسفك بها) أي بمكة (دمًا).