وفي رواية أحمد بن منيع قال سعيد بن جبير: ولا نعلم هذا إلا لهذه المرأة وحدها. وقال ابن الجوزي: فيه أن ثواب العمل يزيد بزيادة شرف الوقت كما يزيد بحضور القلب وخلوص القصد اهـ.
وقال غيره لما ثبت أن عمره ﷺ كانت كلها في ذي القعدة تردّد لبعض أهل العلم في أن أفضل أوقات العمرة أشهر الحج أو رمضان ففي رمضان ما تقدم مما يدل على الأفضلية، لكن فعله ﵊ لما لم يقع إلا في أشهر الحج كان ظاهرًا أنه أفضل إذ لم يكن الله ﷾ يختار لنبيه إلا ما هو الأفضل، أو أن رمضان أفضل لتنصيصه ﵊ على ذلك فتركه لاقترانه بأمر يخصه كاشتغاله بعبادات أخرى في رمضان تبتلاً وأن لا يشق على أمته فإنه لو اعتمر فيه لخرجوا معه ولقد كان بهم رؤوفًا رحيمًا، وقد أخبر في بعض العبادات أنه تركها لئلا يشق على أمته مع محبته لذلك كالقيام في رمضان بهم ومحبته لأنه يستقي بنفسه سقاة زمزم كيلا يغلبهم الناس على سقايتهم، والطي يظهر أن العمرة في رمضان لغيره ﵊ أفضل، وأما في حقه هو فلا فالأفضل ما صنعه لأن فعله لبيان جواز ما كان أهل الجاهلية يمنعونه فأراد الرد عليهم بالقول والفعل وهو لو كان مكروهًا لغيره لكنه في حقه أفضل والله أعلم.
وهذا الحديث أخرجه مسلم والنسائي في الحج.
٥ - باب الْعُمْرَةِ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ وَغَيْرِهَا
(باب) مشروعية (العمرة ليلة الحصبة) بفتح الحاء وسكون الصاد المهملتين الموحدة أي ليلة المبيت بالمحصب وجميع السنة وقت للعمرة إلا لحاج فيمتنع إحرامه بها قبل نفره أما قبل تحلله فلامتناع إدخالها على الحج وأما بعده فلاشتغاله بالرمي والمبيت فهو عاجز عن التشاغل بعملها. أما إحرامه بها قبل نفره فصحيح إن كان وقت الرمي بعد النفر الأول باقيًا لأنه بالنفر خرج من الحرج وصار كما لو مضى وقت الرمي نقله القاضي أبو الطيب عن نص الأمّ. وقال في المجموع لا خلاف فيه (وغيرها) بنصب الراء، ولأبي ذر وغيرها بكسرها.