(باب قول الله تعالى) في سورة هود (﴿وإلى عاد أخاهم هودًا﴾)[الأعراف: ٦٥] عطف على قوله: ﴿لقد أرسلنا نوحًا إلى قومه﴾ [الأعراف: ٥٩] كقولك: ضرب زيد عمرًا وبكر خالدًا وليس هو من باب ما فصل فيه بين حرف العطف والمعطوف بالجار والمجرور نحو ضربت زيدًا وفي السوق عمرًا فيجيء الخلاف المشهور، وقيل بل هو على إضمار فعل أي: وأرسلنا هودًا وهذا أوفق لطول الفصل وهودًا بدل أو عطف بيان لأخيهم، وكان هود أخاهم في النسب لا في الدين لأنه كان من قبيلة عاد وهم قبيلة من العرب بناحية اليمن كما يقال للرجل: يا أخا تميم، والمراد رجل منهم وهو هود بن تارخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح (﴿قال يا قوم اعبدوا الله﴾)[هود: ٥٠] أي وحدوه وسقط قوله قال يا قوم الخ … لأبي ذر.
(وقوله) بالجر عطفًا على المجرور السابق (﴿إذ أنذر قومه بالأحقاف﴾)[الأحقاف: ٢١] جمع حقف وهو رمل مستطيل مرتفع فيه انحناء من احقوقف الشيء إذا اعوج وكان قوم هود يسكنون بين رمال مشرفة على البحر بالشحر من اليمن، وكانوا كثيرًا ما يسكنون الخيام ذوات الأعمدة الضخام كما قال تعالى: ﴿ألم تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد﴾ [الفجر: ٦ - ٧] وهي عاد الأولى وأما عاد الثانية فمتأخرة وأما عاد الأولى: فمنهم ﴿عاد * إرم ذات العماد * التي لم يخلق مثلها في البلاد﴾ [الفجر: ٦ - ٧ - ٨] أي مثل قبيلته، وقيل مثل العمد، ومن زعم أن إرم مدينة تدور في الأرض فقد أبعد النجعة وقال ما لا دليل عليه ولا برهان يعول عليه (إلى قوله: ﴿كذلك نجزي القوم المجرمين﴾)[الأحقاف: ٢٥] تخويف لكفار مكة أي ما سبق من قصتهم حكمنا فيمن كذب رسلنا وخالف أمرنا.
(فيه) أي في هذا الباب (عن عطاء) هو ابن أبي رباح فيما وصله المؤلّف في باب ما جاء في قوله تعالى: ﴿هو الذي أرسل الرياح﴾ [الفرقان: ٤٨](و) عن (سليمان) بن يسار فيما وصله أيضًا في سورة الأحقاف كلاهما (عن عائشة)﵂(عن النبي ﷺ) ولفظ الأولى كان إذا رأى مخيلة أقبل وأدبر وفي آخره ولا أدري لعله كما قال قوم: ﴿فلما رأوه عارضًا مستقبل