ظهور المستوى، ويحتمل أن يكون بمعنى، إلى يقال: أوحى لها أي إليها والمعنى أني قمت مقامًا بلغت فيه من رفعة المحل إلى حيث اطلعت على الكوائن وظهر لي ما يراد من أمر الله تعالى وتدبيره في خلقه وهذا والله هو المنتهى الذي لا تقدم لأحد عليه، وللحموي والمستملي بمستوى بالموحدة بدل اللام (أسمع) فيه (صريف الأقلام) أي تصويتها حالة كتابة الملائكة ما يقضيه الله تعالى.
(قال ابن حزم) عن شيخه (وأنس بن مالك) عن أبي ذر: (قال النبي ﷺ: ففرض الله عليّ) بتشديد التحتية أي وعلى أمتي (خمسين صلاة) في كل يوم وليلة (فرجعت بذلك حتى أمر بموسى) بهمزة مفتوحة فميم مضمومة فراء مشدّدة (فقال لي موسى: ما الذي فرض) أي ربك (على أمتك؟ قلت) له: (فرض) ربي (عليهم خمسين صلاة) في كل يوم وليلة، ولأبي ذر وابن عساكر: فرض بضم الفاء مبنيًّا للمفعول في الموضعين خمسون صلاة بالرفع نائبًا عن الفاعل (قال) موسى: (فراجع ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك) وسقط لفظ ذلك لأبي ذر (فرجعت) من عند موسى (فراجعت ربي فوضع شطرها فرجعت إلى موسى فقال: راجع ربك فذكر مثله فوضع شطرها) أي جزءًا منها. وفي رواية ثابت أن التخفيف كان خمسًا خمسًا وحمل باقي الروايات عليها متعين على ما لا يخفى (فرجعت إلى موسى فأخبرته) سقط لابن عساكر لفظ فأخبرته (فقال) موسى: (راجع ربك) ولابن عساكر فقال ذلك أي راجع ربك ففعلت أي فرجعت فراجعت ربي فوضع شطرها فرجعت إلى موسى فأخبرته بذلك فقال: راجع ربك (فإن أمتك لا تطيق ذلك فراجعت ربي، فقال) جل وعلا: (هي خمس) بحسب الفعل (وهي خمسون) بحسب الثواب ﴿من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها﴾ [الأنعام: ١٦٠](لا يبدل القول لدي) يحتمل أن يراد أني ساويت بين الخمس والخمسين في الثواب، وهذا القول غير مبدل أو جعلت الخمسين خمسًا ولا تبديل فيه، وإنما وقعت المراجعة للعلم بأن ذلك غير واجب قطعًا لأن ما كان واجبًا قطعًا لا يقبل التخفيف أو الفرض خمسين. ثم نسخها بخمس رحمة لهذه الأمة المحمدية. واستشكل بأنه نسخ قبل البلاغ. وأجيب: بأنه نسخ بعده بالنسبة إلى النبي ﷺ(فرجعت إلى موسى فقال: راجع ربك. فقلت: قد استحييت من ربي) أن أراجعه بعد قوله تعالى: لا يبدل القول لدي (ثم انطلق) جبريل (حتى أتى السدرة المنتهى) وفي نسخة إلى السدرة المنتهى، ولابن عساكر: حتى أتى بي سدرة المنتهى، ولأبي ذر: بي السدرة المنتهى وهي في أعلى السماوات وسميت بالمنتهى لأن علم الملائكة ينتهي إليها ولم يجاوزها أحد إلا نبينا ﷺ(فغشيها ألوان لا أدري ما هي) هو كقوله تعالى: ﴿إذ يغشى السدرة ما يغشى﴾ [النجم: ١٦] فالإبهام للتفخيم والتهويل وإن كان معلومًا (ثم أدخلت) ولأبي ذر: ثم أدخلت الجنة (فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ) بفتح الجيم والنون بعدها ألف فموحدة مكسورة فذال معجمة جمع جنبذة وهي القبة (وإذا ترابها المسك). رائحة.
واستنبط من هذا الحديث فوائد كثيرة يأتي إن شاء الله تعالى في سورة هود الإِلمام بشيء منها في بابه بعون الله تعالى، وقد مرّ الحديث أوّل الصلاة.