للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٩ - باب قِبْلَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ الشَّأْمِ وَالْمَشْرِقِ، لَيْسَ فِي الْمَشْرِقِ وَلَا فِي الْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ

لِقَوْلِ النَّبِيِّ : «لَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا».

(باب) حكم (قبلة أهل المدينة وأهل الشام و) قبلة أهل (المشرق) أي وأهل المغرب في استقبالها واستدبارها المنهي عنه، وأهل بالجر عطفًا على المضاف إليه والمشرق عطفًا على المجرور قبله، والمراد بالمشرق مشرق الأرض كلها المدينة والشام وغيرهما، ولم يذكر المؤلّف المغرب مع أن العلّة فيهما مشتركة اكتفاء بذلك عنه كما في: ﴿سرابيل تقيكم الحر﴾ [النحل: ٨١] وخصّ المشرق بالذكر لأن أكثر بلاد الإسلام في جهته، ولما ذكر المؤلّف ذلك كأن سائلاً سأله فقال: كيف قبلة هذه المواضع؟ فقال: (ليس في المشرق ولا في المغرب قبلة) أي ليس في التشريق والتغريب في المدينة والشام، ومَن يلحق بهم ممن هو على سمتهم قبلة، فأطلق المشرق والمغرب على التشريق والتغريب، والجملة استئنافية من تفقه المؤلّف جواب عن سؤال مقدّر كما مرّ، وفي رواية الأربعة بإسقاط قبلة هذه، وحينئذ يتعيّن تنوين باب بتقدير هذا باب، ورفع قبلة أهل المدينة على الابتداء وجر أهل عطفًا على المضاف إليه، وكذا المشرق والمغرب عطفًا على المجرور، وخبر المبتدأ قوله: ليس في المشرق لكن بتأويل قبلة بلفظ مستقبل، لأن التطابق في التذكير والتأنيث بين المبتدأ والخبر واجب والمشرق بالتشريق والمغرب بالتغريب أي: هذا باب بالتنوين مستقبل أهل المدينة وأهل الشام ليس في التشريق ولا في التغريب، وقد سقطت التاء من ليس فلا تطابق بينه وبين قبلة، فلذا أول بمستقبل ليتطابقا تذكيرًا.

وحكى الزركشي ضم قاف مشرق للأكثرين عن عياض عطفًا على باب أي، وباب حكم المشرق، ثم حذف في الثاني باب وحكم وأقيم المشرق مقام الأوّل، وصوّبه الزركشي لما في الكسر من إشكال وهو إثبات قبلة لهم أي لأهل المشرق، وتعقبه الدماميني فقال: إثبات قبلة، لأهل المشرق في الجملة لا إشكال فيه لأنهم لا بدّ لهم أن يصلوا إلى الكعبة فلهم قبلة يستقبلونها قطعًا إنما الإشكال لو جعل المشرق نفسه قبلة مع استدبار الكعبة وليس في جرّ المشرق ما يقتضي أن يكون المشرق نفسه قبلة، وكيف يتوهم هذا، والمؤلّف قد ألصق بهذا الكلام قوله: ليس في المشرق ولا في المغرب قبلة، ثم إن ما وجه به الرفع يمكن أن يوجه به الكسر، وذلك بأن يكون المشرق معطوفًا على ما أُضيف إليه الباب وهو قبلة لا على المدينة ولا على الشام، فكأنه قال: باب حكم قبلة أهل المدينة وحكم الشرق ولا إشكال البتّة. اهـ.

ومراده بالمشرق والمغرب كما مرّ اللذان من ناحية المدينة والشام بخلاف مشرق مكة ومغربهما وكل البلاد التي تحت الخط المارّ عليها من مشرقها إلى مغربها، فإنها مخالفة المشرق والمغرب للمدينة والشام وما كان من جهتهما في حكم اجتناب الاستقبال والاستدبار بالتشريق والتغريب، فإن أولئك

<<  <  ج: ص:  >  >>