وبه قال:(حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (إسحاق بن نصر) هو إسحاق بن إبراهيم بن نصر السعدي قال: (حدّثنا عبد الرزاق) بن همام بن نافع الصنعاني اليماني (عن معمر) هو ابن راشد (عن همام) هو ابن منبّه (عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(كل سلامى) بضم السين المهملة وتخفيف اللام وفتح الميم عظام الأصابع (عليه صدقة كل يوم) بنصب كل على الظرفية (يعين الرجل) مبتدأ على تأويل المصدر نحو تسمع بالمعيدي أي وإعانتك الرجل (في دابته يحامله) بالحاء المهملة يساعده في الركوب (عليها) أي الدابة ولأبي ذر عليه أي الركوب (أو يرفع عليها متاعه) وخبر المبتدأ قوله (صدقة، والكلمة الطيبة، وكل خطوة) بفتح الخاء المعجمة المرة الواحدة ولأبي ذر خطوة بضمها ما بين القدمين (يمشيها إلى الصلاة صدقة، ودل الطريق) بفتح الدال المهملة وتشديد اللام أي الدلالة عليه للمحتاج إليه (صدقة).
ومطابقته للترجمة في قوله يعين الرجل في دابته وسبق بعض الحديث في الصلح.
(باب فضل رباط يوم في سبيل الله) بكسر راء رباط وتخفيف الموحدة مصدر رابط ووجه المفاعلة في هذا أن كلاًّ من الكفار والمسلمين ربطوا أنفسهم على حماية طرف بلادهم من عدوّهم والرباط مراقبة العدوّ في الثغور المتاخمة لبلادهم بحراسة من بها من المسلمين وهو في الأصل الإقامة على الجهاد، وقيل الرباط مصدر رابط بمعنى لازم وقيل هو اسم لما يربط من الشيء أي يشد فكأنه يربط نفسه عما يشغله عن ذلك أو أنه يربط فرسه التي يقاتل عليها، وقول ابن حبيب من المالكية ليس من سكن الرباط بأهله وماله وولده مرابطًا بل من يخرج عن أهله وماله وولده قاصدًا للرباط، تعقبه في الفتح فقال في إطلاقه نظر فقد يكون وطنه وينوي بالإقامة فيه دفع العدوّ ومن ثم اختار كثير من السلف سكنى الثغور.
(وقول الله تعالى) بالجر عطفًا على رباط المجرور ولأبي ذر: ﷿ بدل قوله تعالى: (﴿يا أيها الذين آمنوا اصبروا﴾) أي على مشاق الطاعات وما يصيبكم من الشدائد (﴿وصابروا﴾) وغالبوا أعداء الله في الصبر على شدائد الحرب (﴿ورابطوا﴾) أبدانكم وخيولكم في الثغور مترصدين للغزو وأنفسكم على الطاعة، وفي الموطأ حديث أبي هريرة مرفوعًا:"وانتظار الصلاة فذلكم الرباط". وروى ابن مردويه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: أقبل عليّ أبو هريرة يومًا فقال: أتدري يا ابن أخي فيم