(وعن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب بالسند السابق أنه (قال: حدّثني) بالإفراد (سالم بن عبد الله أن) أباه (عبد الله بن عمر قال: سمعت عمر)﵁ زاد أبو ذر ابن الخطاب (يقول: كان النبي ﷺ يعطيني العطاء فأقول أعطه) بقطع الهمزة (أفقر إليه مني حتى أعطاني مرة مالاً فقلت) له يا رسول الله (أعطه من) أي الذي (هو أفقر إليه مني). قال في الكواكب: فصل بين أفعل وبين كلمة من لأن الفاصل ليس أجنبيًّا بل هو ألصق به من الصلة لأنه محتاج إليه بحسب جوهر اللفظ والصلة محتاج إليها بحسب الصيغة (فقال النبي ﷺ):
(خذه فتموّله وتصدق به) على مستحقه. قال ابن بطال: أشار ﷺ على عمر بالأفضل لأنه وإن كان مأجورًا بإيثاره لعطائه على نفسه من هو أفقر إليه فإن أخذه للعطاء ومباشرته الصدقة بنفسه أعظم لأجره، وهذا يدل على عظم فضل الصدقة بعد التموّل لما في النفوس من الشح على المال (فما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف) ناظر إليه (ولا سائل) له (فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك) وزاد سالم في رواية مسلم فمن أجل ذلك كان ابن عمر لا يسأل أحدًا شيئًا ولا يرد شيئًا أُعطيه.
قال في الفتح: وهذا بعمومه ظاهر في أنه كان لا يرد ما فيه شبهة، وقد ثبت أنه كان يقبل هدايا المختار بن أبي عبيد الثقفي، وكان المختار غلب على الكوفة وطرد عمال عبد الله بن الزبير وأقام أميرًا عليها مدة في غير طاعة خليفة وتصرف فيما يتحصل منها من المال على ما يراه، ومع ذلك فكان ابن عمر يقبل هداياه وكان مستنده أن له حقًّا في بيت المال فلا يضره على أي كيفية يصل إليه أو كان يرى أن التَّبِعَة على الآخذ الأول وأن للمعطي المذكور مالاً أخر في الجملة وحقًّا في المال المذكور، فلما لم يتميز وأعطاه له عن طيب نفس دخل في عموم قوله ما أتاك من هذا المال من غير سؤال ولا استشراف فخذه فرأى أنه لا يستثنى من ذلك إلا ما كان حرامًا محضًا اهـ.
(باب من قضى) في المسجد (ولاعن) حكم بإيقاع التلاعن بين الزوجين (في المسجد) والظرف يتعلق بالقضاء والتلاعن فهو من باب تنازع الفعلين أو يتعلق بقضى لدخول لاعن فيه فإنه من عطف الخاص على العام.