الدير قال: فانطلقنا سراعًا فدخلنا الدير فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقًا وأشد وثاقًا مجموعة يداه إلى عنقه بالحديد فقلنا: ويلك من أنت فذكر الحديث وفيه أنه سألهم عن نبي الأميين هل بعث وأنه قال إن يطيعوه فهو خير لهم وأنه سألهم عن بحيرة طبرية وأنه قال لهم إني مخبركم عني أنا المسيح وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة، ففيه كما قال البيهقي أن الدجال الأكبر الذي يخرج في آخر الزمان غير ابن صياد، وعند مسلم من طريق داود بن أبي هند عن أبي بصرة عن أبي سعيد قال: صحبني ابن صياد إلى مكة فقال لي: ما قد لقيت من الناس يزعمون أني الدجال ألست سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إنه لا يولد له"؟! قلت: بلى. قال: فإنه قد ولد لي. قال: أوَلست سمعته يقول: "لا يدخل المدينة ولا مكة"؟! قلت: بلى. قال: قد ولدت بالمدينة وها أنا أريد مكة.
وقال الخطابي اختلف السلف في أمر ابن صياد بعد كبره فروي عنه أنه تاب عن ذلك القول ومات بالمدينة وأنهم لما أرادوا الصلاة عليه كشفوا عن وجهه حتى رآه الناس، وقيل لهم اشهدوا لكن يعكر على هذا ما عند أبي داود بسند صحيح عن جابر قال: فقدنا ابن صياد يوم الحرّة وبسند حسن قيل إنه مات. وفي الحديث جواز الحلف بما يغلب على الظن.
(باب) بيان (الأحكام التي تعرف بالدلائل) ولأبي ذر عن الكشميهني بالدليل بالإفراد والدليل ما يرشد إلى المطلوب ويلزم من العلم به العلم بوجود المدلول والمراد بالأدلة الكتاب والسُّنَّة والإجماع والقياس والاستدلال. وقال إمام الحرمين والغزالي. ثلاثة فقط فأسقطا القياس والاستدلال فالإمام بناه على أن الأدلة لا تتناول إلا القطعي والغزالي خص الأدلة بالثمرة للأحكام فلهذا كانت ثلاثة وجعل القياس من طرق الاستثمار فإنه دلالة من حيث معقول اللفظ كلما أن العموم والخصوص دلالة من حيث صيغته (وكيف معنى الدلالة) بتثليث الدال وهي في عرف الشرع الإرشاد إلى أن حكم الشيء الخاص الذي لم يرد فيه نص داخل تحت حكم دليل آخر بطريق العموم (وتفسيرها) أي تبيينها وهو تعليم المأمور كيفية ما أمر به كتعليم عائشة ﵂ للمرأة السائلة التوضؤ بالفرصة.
(وقد أخبر النبي ﷺ) في أول أحاديث هذا الباب (أمر الخيل وغيرها، ثم سئل عن الحمر) بضمتين (فدلهم على قوله تعالى: (﴿فمن﴾) بالفاء ولأبي ذر من (﴿يعمل مثقال ذرة خيرًا يره﴾