لأن الصدق والكذب يوصف بهما القول لا الظن وهذا طرف من حديث وصله المؤلّف في الأدب وساقه هنا لقصد الردّ على من أساء الظن بالمريض فمنع تصرّفه وهذا مبني على تعليل بعض الناس بسوء الظن وقد علّلوا بخلافه كما مر (ولا يحل مال المسلمين) أي المقر لهم من الورثة (لقول النبي ﷺ) السابق موصولاً في كتاب الإيمان من حديث أبي هريرة (آية المنافق إذا ائتمن خان).
قال الكرماني فإن قلت: ما وجه دلالته عليه؟ قلت: إذا وجب ترك الخيانة وجب الإقرار بما عليه فإذا أقرّ فلا بدّ من اعتبار إقراره وإلاّ لم يكن لإيجاب الإقرار فائدة.
(وقال الله تعالى: ﴿إن الله يأمركم أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها﴾ [النساء: ٥٨] فلم يخصّ وارثًا ولا غيره) أي لم يفرّق بين الوارث وغيره في ترك الخيانة ووجوب أداء الأمانة إليه فيصح الإقرار للوارث أو غيره قاله الكرماني، ونازع العيني البخاري في الاستدلال بهذه الآية لما ذكره بأنه على تقدير تسليم اشتغال ذمّة المريض بشيء في نفس الأمر لا يكون إلاّ دينًا مضمونًا فلا يطلق عليه الأمانة قال فلا يصح الاستدلال بالآية الكريمة على ذلك على أن يكون الدين في ذمته (فيه) أي في قوله آية المنافق إذا ائتمن خان (عبد الله بن عمرو) بفتح العين (عن النبي ﷺ) ولفظه "أربع من كنّ فيه كان منافقًا خالصًا" وفيه "وإذا ائتمن خان" وقد سبق في كتاب الإيمان.
وبه قال:(حدّثنا سليمان بن داود أبو الربيع) الزهراني العتكي قال: (حدّثنا إسماعيل بن جعفر) الزرقي مولاهم المدني قال: (حدّثنا نافع بن مالك بن عامر أبو سهيل) بضم السين مصغرًا الأصبحي (عن أبيه) مالك (عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(آية)(المنافق) أي علامته (ثلاث) فإن قلت: القياس جمع آية ليطابق ثلاث. أجيب: بأن الثلاث اسم جمع ولفظه مفرد على أن التقدير آية المنافق معدودة بالثلاث، وسقط لفظ ثلاث لأبي ذر (إذا حدّث) في كل شيء (كذب وإذا ائتمن) أمانة (خان) فيها (وإذا وعد) بخير في المستقبل (أخلف) فلم يفِ.