١٠ - باب مَنْ رَأَى الْهِبَةَ الْغَائِبَةَ جَائِزَة
(باب من رأى الهبة) أي التي توهب ولأبي ذر عن الحموي والمستملي من يرى ولأبي ذر أن الهبة (الغائبة جائزة) نصب مفعول ثانٍ لرأى وبالرفع خبر أن على رواية أبي ذر.
وبه قال:(حدّثنا سعيد بن أبي مريم) هو سعيد بن الحكم بن محمد بن سالم بن أبي مريم الجمحي بالولاء قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (قال: حدّثني) بالإفراد (عقيل) بضم العين في ابن خالد بن عقيل بالفتح الأيلي بفتح الهمزة وسكون التحتية الأموي مولاهم (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه (قال: ذكر عروة) بن الزبير (أن المسور بن مخرمة ﵄ ومروان) بن الحكم (أخبراه أن النبي ﷺ حين جاءه وفد هوازن) زاد في الوكالة مسلمين فسألوه أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم (قام في الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال):
(أما بعد فإن إخوانكم جاؤونا) حال كونهم (تائبين وإني رأيت أن أرد إليهم سبيهم فمن أحب منكم أن يطيب ذلك) بضم الياء وفتح الطاء وتشديد الياء أي من أحب أن يطيب نفسه بدفع السبي إلى هوازن (فليفعل) جواب من المتضمنة معنى الشرط (ومن أحب) أي منكم (أن يكون على حظه) أي نصيبه من السبي (حتى نعطيه إياه) أي عوضه (من أوّل ما يفيء الله عليها) بضم الياء وكسر الفاء من أفاء أي يرجع إلينا من أموال الكفار وجواب الشرط فليفعل وحذف هنا في هذه الطريق (فقال الناس: طيبنا لك) زاد في العتق ذلك وقد سبق فيه إن هذه الرواية مرسلة لأن مروان لا صحبة له، والمسور لم يحضر القصة، ومراد المؤلّف منه هنا قوله ﷺ:"وإني رأيت أن أردّ إليهم سبيهم فمن أحب منكم أن يطيب ذلك فليفعل" مع قولهم طيبنا لك ففيه أنهم وهبوا ما غنموه من السبي قبل أن يقسم وذلك في معنى الغائب وتركهم إياه في معنى الهبة كذا قرره في فتح الباري، وفيه من التعسّف ما لا يخفى وإطلاق الترك على الهبة بعيد.
وزعم ابن بطال أن فيه دليلاً على أن للسُّلطان أن يرفع أملاك قوم إذا كان في ذلك مصلحة واستئلاف، وتعقبه ابن المنير بأنه لا دليل فيه على ذلك بل في نفس الحديث أنه ﷺ لم يفعل ذلك إلا بعد تطييب نفوس المالكين، ولا يسوغ للسلطان نقل أملاك الناس وكل أحد أحقّ بماله، وتعقبه ابن الدماميني من المالكية فقال: لنا في المذهب صورة ينقل فيها السلطان ملك الإنسان عنه جبرًا كدار