(باب قول الله ﵎: ﴿قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن﴾) أي سموا بهذا الاسم أو بهذا قال البيضاوي المراد بالتسوية بين اللفظتين هو أنهما يطلقان على ذات واحدة وإن اختلف اعتبار إطلاقهما، والتوحيد إنما هو للذات الذي هو المعبود هذا إذا كان ردًا لقول المشركين أي حين سمعوه ﷺ يقول: يا الله يا رحمن فقالوا إنه ينهانا أن نعبد إلهين وهو يدعو إلهًا آخر، وعلى أن يكون ردًّا لليهود أي حيث قالوا لما سمعوه أيضًا يقول يا الله يا رحمن إنك لتقلّ ذكر الرحمن وقد أكثره الله تعالى في التوراة، فالمعنى أنهما سيان في حسن الإطلاق والإفضاء إلى المقصود وهو أجوب لقوله:(﴿أيًّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى﴾ [الإسراء: ١١٠]) وأو للتخيير والتنوين في أيًّا عوض عن المضاف إليه وما صلة لتأكيد ما في أيٍّ من الإبهام والضمير في قوله له للمسمى لأن التسمية له لا للاسم، وكان أصل الكلام أيًّا ما تدعوا فهو حسن فوضع موضعه فله الأسماء الحسنى للمبالغة والدلالة على ما هو الدليل عليه، وكونها حسنى لدلالتها على صفات الجلال والإكرام اهـ.
قال الطيبي: إنما كان أجوب لأن اعتراض اليهود كان تعيير للمسلمين على ترجيح أحد الاسمين على الآخر واعتراض المشركين كان تعييبرًا على الجمع بين اللفظين فقوله: أيًّا ما تدعوا مطابق للردّ على اليهود لأن المعنى أيّ الاسمين دعوتموه فهو حسن وهو لا ينطبق على اعتراض المشركين، والجواب هذا مسلم إذا كان أو للتخيير فلم يمنع أن تكون للإباحة كما في قوله: جالس الحسن أو ابن سيرين، فحينئذ يكون أجوب وتقريبه قل سموا ذاته المقدسة بالله أو بالرحمن فهما سيان في استصواب التسمية بهما فبأيهما سميته فأنت مصيب وإن سميته بهما فأنت أصوب لأن له الأسماء الحسنى وقد أمرنا أن ندعو بها في قوله تعالى: ﴿ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها﴾ [الأعراف: ١٨٠] فجواب الشرط الأول قوله فأنت مصيب، ودل على الشرط الثاني وجوابه قوله: ﴿فله الأسماء الحسنى﴾ وحينئذ فالآية فن من فنون الإيجاز الذي هو حلية التنزيل وقوله: ﴿فله الأسماء الحسنى﴾ هو من باب الإطناب فظهر بهذا أن الإباحة أنسب من التخيير لأن أبا جهل حضر الجمع بين الاسمين فردّ بإباحة أن يجمع بين أسماء تعني فكيف يمنع من الجمع بين الاسمين وقد أبيح الجمع بين الأسماء المتكاثرة على أن الجواب بالتخيير في الردّ على أهل الكتاب غير مطابق لأنهم اعترضوا بالترجيح، وأجيب بالتسوية لأن أو تقتضيها وكان الجواب العتيد أن يقال إنما رجحنا الله على الرحمن في الذكر لأنه جامع لجميع صفات الكمال بخلاف الرحمن ويساعد ما ذكرنا من أن الكلام مع المشركين قوله تعالى: ﴿وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدًا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له وليّ من الذل﴾ [الإسراء: ١١١] لأنه مناسب أن يكون تسجيلاً للردّ على المشركين.