أو الملزوم على اللازم. على كل حال فاستعمل هذا اللفظ جاريًا على ما ألف من كلام العرب.
قال الطيبي: ووجه اتصال هذا المعنى بما تقدم من قوله فاذكروا الله … الخ، هو أنه ﷺ، لما خوّف أمته من الكسوفين، وحرضهم على الفزع والالتجاء إلى الله تعالى بالتكبير والدعاء، والصلاة والصدقة، أراد أن يردعهم عن المعاصي التي هي من أسباب حدوث البلاء، وخص منها الزنا لأنه أعظمها. والنفس إليه أميل، وخص العبد والأمة بالذكر، رعاية لحسن الأدب.
ثم كرر الندبة فقال:
(يا أمة محمد، والله لو تعلمون ما أعلم) من عظمة الله وعظيم انتقامه من أهل الجرائم، وشدة عقابه، وأهوال القيامة وما بعدها (لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا)، لتفكركم فيما علمتموه:
والقلة هنا بمعنى العدم، كما في قوله: قليل التشكي. أي عديمه وقوله تعالى: ﴿فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا﴾ [التوبة: ٨٢] أي غير منقطع.
واستدلّ بهذا الحديث على أن لصلاة الكسوف هيئة تخصها من التطويل الزائد على العادة في القيام وغيره، ومن زيادة ركوع في كل ركعة.
وقد وافق عائشة على رواية ذلك، عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، ومثله عن أسماء بنت أبي بكر، كما مر في صفة الصلاة، وعن جابر عند مسلم، وعن علي عند أحمد، وعن أبي هريرة عند النسائي، وعن ابن عمر عند البزار، وعن أم سفيان عند الطبراني، وفي رواياتهم زيادة رواها الحفاظ الثقات فالأخذ بها أولى من إلغائها.
وقد وردت الزيادة في ذلك من طرق أخرى، فعند مسلم، من وجه آخر عن عائشة، وآخر عن جابر: أن في كل ركعة ثلاث ركوعات. وعنده من وجه آخر، عن ابن عباس: أن في كل ركعة أربع ركوعات، ولأبي داود من حديث أبي بن كعب، والبزار من حديث علي: أن في كل ركعة خمس ركوعات. ولا يخلو إسناد منها عن علة:
ونقل ابن القيم عن الشافعي، وأحمد والبخاري: أنهم كانوا يعدون الزيادة على الركوعين في كل ركعة غلطًا من بعض الرواة، فإن أكثر طرق الحديث يمكن رد بعضها إلى بعض، ويجمعها أن ذلك كان يوم مات إبراهيم، وإذا اتحدت القصة تعين الأخذ بالراجح. قاله في فتح الباري.
٣ - باب النِّدَاءِ بِالصَّلَاةُ جَامِعَةٌ فِي الْكُسُوفِ
(باب النداء بالصلاة جامعة في الكسوف) بنصب: الصلاة جامعة، على الحكاية فيهما، أي: بهذا اللفظ.