هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه قوله تعالى (﴿قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا﴾)[التوبة: ٥١] أي (قضى) لنا من خير أو شر كما قدر في الأزل وكتب في اللوح المحفوظ، ولنا مفيدة معنى الاختصاص كأنه قيل لن يصيبنا إلا ما اختصنًا الله بإثباته وإيجابه. وقال الراغب: عبّر بقوله لنا ولم يعبر بقوله علينا تنبيهًا على أن الذي يصيبنا نعده نعمة لا نقمة.
(قال مجاهد) في تفسير قوله تعالى: ﴿ما أنتم عليه﴾ (﴿بقانتين﴾)[الصافات: ١٦٢] أي ما أنتم (بمضلين إلا من كتب الله) عليه في السابقة (أنه يصلّى الجحيم) أي يدخل النار وهذا وصله عبد بن حميد بمعناه.
وقال مجاهد أيضًا في تفسير قوله تعالى: ﴿والذي﴾ (﴿قدر فهدى﴾)[الأعلى: ٣] أي (قدر الشقاء والسعادة وهدى الأنعام لمراتعها) وهذا وصله الفريابي عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وقيل قدر أقواتهم وأرزاقهم وهداهم لمعائهم إن كانوا أناسًا ولمراعيهم إن كانوا وحشًا، وعن ابن عباس والسدي ومقاتل والكلبي في قوله ﴿فهدى﴾ قال: عرف خلقه كيف يأتي الذكر الأنثى كما قال في طه ﴿أعطى كل شيء خلقه ثم هدى﴾ [طه: ٥٠] أي الذكر للأنثى: وقال عطاء: جعل لكل دابة ما يصلحها وهداها له، وقيل: قدر فهدى قدر لكل حيوان ما يصلحه فهداه إليه وعرفه وجه الانتفاع به، يقال: إن الأفعى إذا أتت عليها ألف سنة عميت وقد ألهمها الله تعالى أن مسح العينين بورق الرازيانج الغض يرد إليها بصرها فربما كانت في برية بينها وبين الريف مسيرة أيام فتطوي تلك المسافة على طولها وعماها حتى تهجم في بعض البساتين على الرازيانج لا تخطئها فتحك به عينها فترجع باصرة بإذن الله تعالى وهدايات الإنسان إلى مصالحه من أغذيته وأدويته وأمور دنياه ودينه والهامات البهائم والطيور وهوام الأرض أمر ثابت واسع فسبحان ربي الأعلى وبحمده.