هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه بيان (ما لا يستحيا من الحق للتفقه في الدين) وهذا يخصص قوله في الحديث السابق الحياء خير كله إذا الحياء في السؤال عن الدين لا يجوز فهو مذموم كما لا يخفى وقوله يستحيا مبني للفعول.
وبه قال:(حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس (قال: حدثني) بالإفراد (مالك) الإمام (عن هشام بن عروة) بن الزبير (عن أبيه عن زينب ابنة) ولأبي ذر بنت (أبي سلمة) عبد الله (عن أم سلمة) هند بنت أبي أمية زوج النبي ﷺ(﵂) أنها (قالت: جاءت أم سليم) بضم السين وفتح اللام أم أنس بن مالك (إلى رسول الله ﷺ فقالت: يا رسول الله إن الله لا يستحي) بكسر الحاء (من الحق) أي لا يمتنع منه ولا يتركه ترك الحيي منا قالته اعتذارًا عن تصريحها بما تنقبض عنه النفوس البشرية لا سيما بحضرة الرسالة أي إن الله تعالى بين لنا أن الحق ليس مما يستحيا منه وسؤالها هذا كان من الحق الذي ألجأت الضرورة إليه (فهل) يجب (على المرأة غسل) بغير زيادة من (إذا احتلمت) بغير زيادة هي أي وطئت في منامها (فقال)ﷺ:
(نعم) يجب عليها الغسل (إذا رأت الماء) أي المني موجودًا فالرؤية علمية تتعدى إلى مفعولين الثاني مقدر كما مرّ أو غير ذلك. قال أبو حيان: وحذف أحد مفعولي رأى وأخواتها عزيز، وقد قيل في قوله تعالى: ﴿ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرًا لهم﴾ [آل عمران: ١٨] أي البخل خيرًا والظاهر أن الرؤية هنا بصرية فتتعدى إلى واحد، وينبني على ذلك أن المرأة إذا علمت أنها أنزلت ولم تر ماء لا غسل عليها.