وبالسند قال:(حدّثنا) بالجمع ولأبي الوقت حدتني (محمد بن سلام) وسقط ولأبوي ذر والوقت ابن سلام قال: (أخبرنا أبو معاوية) محمد بن حازم الضرير البصري قال: (حدّثنا هشام عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوام (عن عائشة ﵂) أنها (قالت: خرجنا مع رسول الله ﷺ) في حجة الوداع لخمس بقين من ذي القعدة حال كوننا مكملين ذا القعدة (موافقين) مستقبلين (لهلال ذي الحجة) قال الجوهري: وافى فلان أتى ووفى تم والخمس قريبة من آخر الشهر فوافاهم الهلال وهم في الطريق لأنهم دخلوا في الرابع من ذي الحجة (فقال لنا)ﷺ بسرف بعد الإحرام كما في رواية عائشة أو بعد الطواف كما في رواية جابر، فيحتمل أنه كرر أمرهم بذلك بعد الطواف لأن العزيمة إنما كانت في الآخر حين أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة.
(من أحب منكم أن يهل بالحج) يدخله على العمرة (فليهل)، بالحج إذا كان معه هدي فيصير قارنًا ثم لا يحل منهما جميعًا حتى ينحر هديه (ومن أحب أن يهل) منكم (بعمرة)، يدخلها على الحج (فليهل بعمرة) يفسخ بها حجه إذا لم يكن معه هدي (فلولا أني أهديت لأهللت بعمرة) وفي رواية السرخسي: لأحللت بالحاء المهملة. (قالت) عائشة ﵂: (فمنا) أي فكان منا (من أهلّ) من الميقات (بعمرة ومنا من أهل بحج) مفرد أي ومنا من قرن (وكنت ممن أهل بعمرة).
وروى القاسم عنها أنها قالت: خرجنا مع رسول الله ﷺ ولا نرى إلا الحج، وفي رواية لا نذكر إلا الحج، وفي رواية لبينا بالحج، وفي رواية أخرى مهلين باحج وقد جمع ذلك مسلم في صحيحه وقد جمعوا بين ذلك بأنها أحرمت أوّلاً بالحج كما صح عنها في رواية الأكثرين وكما هو الأصح من فعله ﵊ وأكثر أصحابه، ثم أحرمت بالعمرة حين أمر النبي ﷺ أصحابه بفسخ الحج إلى العمرة فأخبر عروة باعتمارها في آخر الأمر ولم يذكر أول أمرها.
(فأظلني) أي قرب مني (يوم عرفة) يقال: أظلني فلان وإنما تقول ذلك لأن ظله كأنه وقع عنيك لقربه منك (وأنا حائض فشكوت إلى النبي-ﷺ) ترك الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة بسبب الحيض (فقال): (ارفضي عمرتك) أي اتركي عملها من الطواف والسعي وتقصير الشعر لا أنها تدع العمرة نفسها وإنما أمرها بذلك لأنها لما حاضت تعذر عليها إتمام العمرة والتحلل منها (وانقضي رأسك) أي حلي ضفر شعره (وامتشطي) سرحيه بالمشط (وأهليّ بالحج) فصارت مدخلة للحج ﷺ العمرة وقارنة (فلما كان ليلة الحصبة) بعد أن طهرت يوم النحر (أرسل معي عبد الرحمن) أخي (إلى التنعيم فأهللت) منه (بعمرة مكان عمرتي) بنصب مكان على الظرفية، ويجوز الجر على البدل من عمرة والمراد مكان عمرتها التي أرادت تأتي بها مفردة كما وقع لسائر أمهات المؤمنين وغيرهن من الصحابة الذي فسخوا الحج إلى العمرة وأتموا العمرة وتحللوا منها قبل يوم التروية أحرموا بالحج من مكة يوم التروية فحصلت لهم حجة منفردة وعمرة منفردة، وأما عائشة فإنها حصل لها عمرة مندرجة في حجة بالقران فأرادت عمرة منفردة كما حصل لغيرها.