(باب التحريض على القتال، وقول الله تعالى): بالجر عطفًا على المجرور السابق ولأبي ذر وقول الله ﷿ ﴿حرض المؤمنين على القتال﴾ [الأنفال: ٦٥]، أي حثهم عليه.
وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا معاوية بن عمرو) البغدادي قال: (حدّثنا أبو إسحاق) إبراهيم الفزاري (عن حميد) بضم الحاء المهملة وفتح الميم مصغرًا الطويل أنه (قال: سمعت أنسًا ﵁ يقول: خرج رسول الله ﷺ إلى الخندق) في شوّال سنة خمس من الهجرة (فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون) فيه بكسر الفاء حال كونهم (في غداة باردة فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك) الحفر (لهم، فلما رأى)﵊(ما بهم) أي الأمر المتلبس بهم (من النصب) أي التعب (والجوع قال): ﵊ محرّضًا لهم على عملهم الذي هو بسبب الجهاد.
(اللهم إن العيش) المعتبر أو الباقي المستمر (عيش الآخرة) لا عيش الدنيا (فاغفر للأنصار والمهاجرة) بضم الميم وكسر الجيم وللأنصار بلام الجر ويخرج به عن الوزن، وفي نسخة: فاغفر الأنصار بالألف بدل اللام وهذا من قول ابن رواحة تمثل به النبي ﷺ. قال الداودي: وإنما قال ابن رواحة لاهمّ بلا ألف ولا لام فأتى به بعض الرواة على المعنى وإنما يتزن هكذا، وتعقبه في المصابيح فقال: هذا توهيم للرواة من غير داعٍ إليه فلا يمتنع أن يكون ابن رواحة قال: اللّهمَّ بألف ولام على جهة الخزم يعني بالخاء المعجمة والزاي وهو الزياة على أول البيت حرفًا فصاعدًا إلى أربعة، وكذا على أول النصف الثاني حرفًا أو اثنين على الصحيح هذا أمر لا نزاع فيه بين العروضين ولم يقل أحد منهم بامتناعه وإن لم يستحسنوه، ولا قال أحد إن الخرْم يقتضي إلغاء ما هو فيه حتى أنه لا يعدّ شعراء نعم الزيادة لا يعتدّ بها في الوزن ويكون ابتداء النظم ما بعدها فكذا ما نحن فيه اهـ.
(فقالوا) الأنصار والمهاجرة حال كونهم (مجيبين له)﵊.
(نحن الذين بايعوا) ولأبي ذر: عن الحموي والمستملي بايعنا (محمدًا) على الجهاد ما بقينا أبدًا.
وقال ابن بطال: ليس هو من قوله ﵊، ولو كان لم يكن به شاعرًا وإنما يسمى به من قصد صناعته وعلم السبب والوتد وجميع معايبه من الزحاف والخزم والقبض ونحو ذلك اهـ.
وفي نظر لأن شعراء العرب لم يكونوا يعلمون ما ذكره من ذلك.