قال يحيى بن سعد الأنصاري بالإسناد السابق:(يقول يزيد) مولى المنبعث (إن لم تعترف) بضم المثناة الفوقية وسكون المهملة وفتح الفوقية والراء، ولأبي ذر عن الكشميهني: إن لم تعرف بإسقاط الفوقية الثانية أي اللقطة (استنفق بها) بفتح الفاء والقاف (صاحبها) أي ملتقطها (وكانت وديعة عنده).
قال سليمان بن بلال:(قال يحيى) بن سعيد الأنصاري بالإسناد السابق: (فهذا الذي لا أدري) أي لا أعلم (أفي حديث رسول الله ﷺ هو) أي قوله وكانت وديعة عنده (أم شيء من عنده) أي من عند يزيد من قوله: وسيأتي إن شاء الله تعالى في كلام المؤلّف باب إذا جاء صاحب اللقطة بعد سنة ردّها عليه لأنها وديعة عنده وفيه إشارة إلى ترجيح رفعها، وقد جزم يحيى بن سعيد برفعها مرة أخرى فيما أخرجه مسلم عن القعنبي والإسماعيلي من طريق يحيى بن حسان كلاهما عن سليمان بن بلال عن يحيى بلفظ: فإن لم تعرف فاستنفقها أو لتكن وديعة عندك.
(ثم قال) السائل يا رسول الله (كيف ترى في ضالة الغنم؟ قال النبي ﷺ: خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب) أي إنها ضعيفة لعدم الاستقلال معرضة للهلاك مرددة بين أن تأخذها أنت أو أخوك. قيل: والمراد بالأخ ما هو أعم من صاحبها أو ملتقط آخر، وعورض بأن البلاغة لا تقتضي أن يقرن صاحبها المستحق لها بالذئب العادي فالمراد ملتقط آخر والمراد جنس ما يأكل الشاة، وفي قوله:"خذها" تصريح بالأمر بالأخذ ففيه ردّ إحدى الروايتين عن أحمد في قوله يترك التقاط الشاة، واستدلّ به المالكية على أنه إذا وجدها في فلاة تملكها بالأخذ ولا يلزمه بدلها ولو جاء صاحبها واحتجّ لهم بالتسوية بين الذئب والملتقط والذئب لا غرامة عليه فكذلك الملتقط كذا نقله في الفتح.
والظاهر أنهم تمسكوا بقوله في الشاة هي لك واللام للتمليك بخلاف قوله في غيرها فاستمتع بها إذ ظاهره أنه ليس على وجه التمليك لها إذ لو كان المراد التمليك التام لم يقتصر به على الاستمتاع الذي ظاهره الانتفاع لا أصل الملك بخلاف قوله فهي لك.
وأجيب: بأن اللام ليست للتمليك ومذهب الشافعية أن ما لا يمتنع من صغار السباع كالعجل والفصيل يجوز التقاطه للتملك مطلقًا سواء وجده بمفازة أم لا صيانة له عن السباع والخونة، ويتخير آخذه من المفازة فإن شاء عرفه وتملكه بعد التعريف وإن شاء باعه استقلالاً إن لم يجد حاكمًا أو بإذنه في الأصح إن وجده وتملك ثمنه بعد التعريف وله أكله إن كان مأكولاً في الحال متملكًا له بقيمة فيغرمها إن ظهر مالكه ولا يجب بعد أكله تعريفه فإن أخذه من العمران فله الخصلتان الأوليان لا الثالثة وهي الأكل على الأصح في المنهاج والأظهر في الروضة لسهولة البيع فيه بخلافه في المفازة فقد لا يجد فيها من يشتري ويشق النقل إلى العمران.
(قال يزيد) مولى المنبعث بالإسناد المذكور (وهي) أي ضالة الغنم (تعرف أيضًا) أي على سبيل