واختلف في سماع كلام الله تعالى فقال الأشعري: كلام الله تعالى القائم بذاته يسمع عند تلاوة كل تالٍ وقراءة كل قارئ. وقال الباقلاني: وإنما تسمع التلاوة دون المتلوّ والقراءة دون المقروء ولم يذكر في هذه الآية المتكلم به نعم في سورة الأعراف ﴿قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي﴾ [الأعراف: ١٤] أي وبتكليمي إياك ووقع في رواية أبي ذر باب ما جاء في وكلم الله موسى. وقال في فتح الباري في رواية أبي زيد المروزي باب ما جاء في قوله ﷿:(﴿وكلم الله﴾ [النساء: ١٦٤].
وبه قال: (حدّثنا يحيي بن بكير) هو يحيى بن عبد الله بن بكير قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني (عقيل) بضم العين وفتح القاف ابن خالد (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه قال: (حدّثنا) وللأصيلي أخبرني بالإفراد (حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة)﵁(أن النبي) ولأبي ذر والأصيلي أن رسول الله (ﷺ قال):
(احتج آدم وموسى) أي تحاجّا (فقال موسى أنت آدم الذي أخرجت ذريتك من الجنة قال أنت) ولغير أبي ذر والأصيلي قال آدم أنت (موسى الذي اصطفاك الله تعالى برسالاته وبكلامه ثم تلومني على أمر قد قدّر) بضم القاف وكسر الدال مشددة (عليّ) بتشديد الياء (قبل أن أخلق) بضم الهمزة (فحج آدم موسى) أي غلب عليه بالحجة في قوله أنت آدم الخ بأن ألزمه أن ما صدر عنه لم يكن هو مستقلاًّ به متمكّنًا من تركه بل كان أمرًا مقضيًّا وليس معنى قوله: تلومني على أمر قد قدّر عليّ أنه لم يكن له فيه كسب واختيار، بل المعنى أن الله أثبته في أم الكتاب قبل كوني وحكم بأن ذلك كائن لا محالة بعلمه السابق فهل يمكن أن يصدر عني خلاف علم الله؟ فكيف تغفل عن العلم السابق وتذكر الكسب الذي هو السبب وتنسى الأصل الذي هو القدر وأنت ممن اصطفاك الله من المصطفين الذين يشاهدون سرّ الله من وراء الأستار قاله التوربشتي.
ومطابقته للترجمة في قوله اصطفاك الله برسالاته وبكلامه، وسبق في القدر.