للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني (قال: حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان (قال: حدّثنا حميد) بضم الحاء الطويل التابعي (قال: حدّثنا بكر) بفتح الموحدة ابن عبد الله بن عمرو بن هلال المزني البصري (عن أبي رافع) نفيع بضم النون وفتح الفاء الصائغ بالغين المعجمة البصري ترحل إليها من المدينة (عن أبي هريرة) .

(أن النبي لقيه في بعض طريق المدينة) بالإفراد ولكريمة في بعض طرق المدينة (وهو جنب) جملة اسمية حالية من الضمير المنصوب في لقيه. قال أبو هريرة: (فانخنست منه) بنون ثم معجمة ثم نون فمهملة أي تأخرت وانقبضت ورجعت، وفي رواية فانخنس، ولابن السكن والأصيلي وأبي الوقت وابن عساكر: فانبجست بالموحدة والجيم أي اندفعت، وللمستملي فانتجست بنون فمثناة فوقية فجيم من النجاسة من باب الافتعال أي اعتقدت نفسي نجسًا، (فذهب فاغتسل) بلفظ الغيبة من باب النقل عن الراوي بالمعنى، أو من قول أبي هريرة من باب التجريد وهو أنه جرّد من نفسه شخصًا وأخبر عنه وهو المناسب لرواية فانخنس. وفي رواية فذهبت فاغتسلت وهو المناسب لسابقه، وكان سبب ذهاب أبي هريرة ما رواه النسائي وابن حبان من حديث حذيفة أنه كان إذا لقي أحدًا من أصحابه ماسحه ودعا له، فلما ظن أبو هريرة أن الجنب ينجس

بالجنابة خشي أن يماسه النبي كعادته فبادر إلى الاغتسال، (ثم جاء فقال) : (أين كنت يا أبا هريرة؟ قال: كنت جنبًا) أي ذا جنابة لأنه اسم جرى مجرى المصدر وهو الإجناب، (فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة) جملة اسمية حالية من الضمير المرفوع في أجالسك (فقال) بالفاء قبل القاف وسقطت في كلام أبي هريرة على الأفصح في الجمل المفتتحة بالقول كما قيل في قوله تعالى: ﴿أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [الشعراء: ١٠] قوم فرعون ألا يتقون قال وما بعدها، وأما القول مع ضمير النبي فالفاء سببية رابطة فاجتلبت لذلك ولأبي ذر وابن عساكر والأصيلي قال: (سبحان الله) نصب بفعل لازم الحذف وأتى به هنا للتعجب والاستعظام أي: كيف يخفى مثل هذا الظاهر عليك.

(إن المؤمن) وفي رواية مضبب عليها بفرع اليونينية إن المسلم (لا ينجس) أي في ذاته حيًّا ولا ميتًا، ولذا يغسل إذا مات. نعم يتنجس بما يعتريه من ترك التحفظ من النجاسات والأقذار، وحكم الكافر في ذلك كالمسلم، وأما قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَس﴾ [التوبة: ٢٨] فالمراد بها نجاسة اعتقادهم، أو لأنه يجب أن يتجنب عنهم كما يتجنب عن الإنجاس، أو لأنهم لا يتطهرون ولا يتجنبون عن النجاسات فهم ملابسون لها غالبًا، وعن ابن عباس: إن أعيانهم نجسة كالكلاب، وبه قال ابن حزم، وعورض بحل نكاح الكتابيات للمسلم ولا تسلم مضاجعتهنّ من عرقهنّ، ومع ذلك لم يجب من غسلهن إلا مثل ما يجب من غسل المسلمات، فدل على أن الآدمي لي بنجس العين إذ لا فرق بين الرجال والنساء بل يتنجس بما يعرض له من خارج.

ويأتي البحث إن شاء الله تعالى في الاختلاف في الميت في باب الجنائز، ورواة هذا الحديث الستة بصريون وفيه رواية تابعي عن تابعي عن صحابي والتحديث والعنعنة، وأخرجه مسلم في

<<  <  ج: ص:  >  >>