والنظائر: والحق أنه عامّ خصّ منه ما يتعلق بحقوق الناس، فلا تغفر بالتأمين للأدلة فيه، لكنه شامل للكبائر كما تقدم، إلا أن يدعي خروجها بدليل آخر.
وفي كلام ابن المنير ما يشير إلى أن المقتضي للمغفرة هو موافقة المأموم لوظيفة التأمين، وإيقاعه في محله على ما ينبغي، كما هو شأن الملائكة، فذكر موافقتهم ليس لأنه سبب للمغفرة بل للتنبيه على المسبب، وهو مماثلتهم في الإقبال والجدّ، وفعل التأمين على أكمل وجه. اهـ.
وهو معارض بما في الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعًا: إذا قال أحدكم: آمين، وقالت الملائكة في السماء: آمين، ووافقت إحداهما الأخرى، غفر له ما تقدم من ذنبه. فدلّ على أن المراد الموافقة في القول والزمان، لا في الإخلاص والخشوع وغيرهما مما ذكر. وهل المراد بالملائكة الحفظة أو الذين يتعاقبون منهم؟ أو الأولى حمله على الأعم، لأن اللام للاستغراق، فيقولها الحاضر منهم ومن فوقهم إلى الملأ الأعلى، والظاهر الأخير.
وبالسند المتصل برواية مالك (قال: ابن شهاب) الزهري: (وكان رسول الله ﷺ، يقول:) (آمين) بيّن بهذا أن المراد بقوله في الحديث: إذا أمّن حقيقة التأمين، لا ما أوّل به، وهو وإن كان مرسلاً فقد اعتضد بصنيع أبي هريرة رواية.
وإذا قلنا بالراجح وهو مذهب الشافعي وأحمد: إن الإمام يؤمّن فيجهر به فى الجهرية، كما ترجم به المصنف وفاقًا للجمهور.
فإن قلت من أين يؤخذ الجهر من الحديث؟
أجيب بأنه لو لم يكن التأمين مسموعًا للمأموم لم يعلم به، وقد علّق تأمينه بتأمينه.
وقد أخرج السراج هذا الحديث بلفظ: فكان رسول الله ﷺ إذا قال: ﴿ولا الضالين﴾ جهر بالتأمين.
ولابن حبان من رواية الزبيدي، في حديث الباب عن ابن شهاب: فإذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته وقال: آمين.
وزاد أبو داود من حديث أبي هريرة: حتى يسمع من يليه من الصف.
وفي حديث وائل بن حجر عند أبي داود: صليت خلف النبي ﷺ، فجهر: بآمين.
وقال الحنفية والكوفيون ومالك في رواية عنه بالإسرار: لأنه دعاء، وسبيله الإخفاء لقوله تعالى: ﴿ادعوا ربكم تضرعًا وخفيةً﴾ وحملوا ما روي من جهره ﵊ به على التعليم، والمستحب الاقتصار على التأمين عقب الفاتحة من غير زيادة عليه اتباعًا للحديث.