وقال الدارقطني: قال ابن أبي داود: وضع الركبتين قبل اليدين تفرد به شريك القاضي عن عاصم بن كليب، وشريك ليس بالقوي فيما ينفرد به.
وقال البيهقي: هذا الحديث يعدّ في إفراد شريك هكذا ذكره البخاري وغيره من حفّاظ المتقدمين، وفي المعرفة، قال همام: وحدّثنا شقيق، يعني أبا الليث، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن النبي ﷺ مرسلاً، وهو المحفوظ.
وعن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه
قبل ركبتيه. رواه أبو داود والنسائي بإسناد جيد، ولم يضعفه أبو داود.
وعن سعد بن أبي وقاص قال: كنا نضع اليدين قبل الركبتين فأمرنا بالركبتين قبل اليدين، رواه ابن خزيمة في صحيحه، وادعى أنه ناسخ لتقديم اليدين، قال في المجموع: ولذا اعتمده أصحابنا، ولكن لا حجة فيه لأنه ضعيف ظاهر الضعف، بين البيهقي وغيره ضعفه، وهو من رواية يحيى بن سلمة بن كهيل، وهو ضعيف باتفاق الحفاظ، ولذا قال النووي: لا يظهر ترجيح أحد المذهبين على الآخر من حيث السُّنّة.
لكن قال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام: من أحاديث الأحكام، حديث أبي هريرة: إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه، أقوى من حديث وائل: رأيت رسول الله ﷺ إذا سجد، وضع ركبتيه قبل يديه. لأن لحديث أبي هريرة شاهدًا من حديث ابن عمر، صححه ابن خزيمة، وذكره البخاري معلقًا موقوفًا اهـ.
ومراده بذلك قوله هنا، وقال نافع إلخ، فإن قلت: ما وجه مطابقة هذا الأثر للترجمة؟ أجيب: من جهة اشتمالها عليه لأنها في الهوي بالتكبير إلى السجود، فالهوي فعل، والتكبير قول. فكما أن أبي هريرة الآتي، إن شاء الله تعالى في هذا الباب يدل على القول، كذلك أثر ابن عمر هذا يدل على الفعل، والحاصل أن للهوي إلى السجود صفتين: صفة قولية، وأخرى فعلية. فأثر ابن عمر أشار إلى الصفة الفعلية، وحديث أبي هريرة إليهما معًا.