للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السعدان، غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا الله) تعالى، (تخطف) بفتح الطاء في الأفصح، وقد تكسر، وللكشميهني: فتختطف بالفاء في أوّله وفوقية بعد الخاء وكسر الطاء، أي تأخذ (الناس) بسرعة (بأعمالهم) أي بسبب أعمالهم السيئة، أو على حسب أعمالهم، أو بقدرها (فمنهم من يوبق) بموحدة، مبنيًّا للمفعول، أي: يهلك (بعمله) وقال الطبري: يوثق بالمثلثة، من الوثاق، (ومنهم من يخردل) بخاء معجمة ودال مهمة، وعن عبيد بالذال المعجمة، أي يقطع صغارًا كالخردل، والمعنى: أنه تقطعه كلاليب الصراط حتى يهوي إلى النار، وللأصيلي: بالجيم، من الجردلة، بمعنى: الإشراف على الهلاك (ثم ينجو، حتى إذا أراد الله) ﷿ (رحمة من أراد من أهل النار) أي الداخلين فيها وهم المؤمنون الخلص، إذ الكافر لا ينجو منها أبدًا، (أمر الله الملائكة أن يخرجوا) منها (من كان يعبد الله) وحده، (فيخرجونهم) منها، (ويعرفونهم بآثار السجود، وحرم الله) ﷿ (على النار أن تأكل أثر السجود) أي موضع أثره، وهي الأعضاء السبعة، أو الجهة خاصة لحديث، إن قومًا يخرجون من النار يحترقون فيها إلا دارات وجوههم، رواه مسلم: وهذا موضع الترجمة.

واستشهد له ابن بطال بحديث: أقرب ما يكون العبد إذا سجد، وهو واضح. وقال الله تعالى ﴿واسجد واقترب﴾ [العلق: ١٩].

وقال بعضهم: إن الله تعالى يباهي بالساجدين من عبيده ملائكته المقرّبين. يقول لهم: يا ملائكتي أنا قربتكم ابتداءً، وجعلتكم من خواص ملائكتي، وهذا عبدي جعلت بينه وبين القربة حجبًا كثيرة، وموانع عظيمة مِن أغراض نفسية، وشهوات حسيّة، وتدبير أهل ومال وأهوال، فقطع كل ذلك وجاهد حتى سجد واقترب، فكان من المقربين. قال: ولعن الله إبليس لإبائه عن السجود لعنة أبلسه بها وآيسه من رحمته إلى يوم القيامة. اهـ.

وعورض بأن السجود الذي أمر به إبليس لا تعلم هيئته ولا تقتضي اللعنة اختصاص السجود بالهيئة العرفية، وأيضًا فإبليس إنما استوجب اللعنة بكفره حيث جحد ما نص الله عليه من فضل آدم، فجنح إلى قياس فاسد يعارض به النص، ويكذبه، ولعنه الله.

قاله ابن المنير:

(فيخرجون من النار، فكل ابن آدم تأكله النار) أي: فكل أعضاء ابن آدم تأكلها النار (إلا أثر السجود) أي: مواضع أثره (فيخرجون من النار قد امتحشوا) بالمثناة الفوقية والمهملة المفتوحتين والشين المعجمة، بالبناء للفاعل، وفي بعض النسخ: امتحشوا، بضم المثناة وكسر الحاء، بالبناء للمفعول. أي: احترقوا واسودّوا. (فيصب عليهم) بضم المثناة مبنيًّا للمفعول، والنائب عن الفاعل قوله: (ماء الحياة) الذي من شرب منه أو صب عليه لم يمت أبدًا، (فينبتون كما تنبت الحبة) بكسر الحاء المهملة. بزور الصحراء مما ليس بقوت (في حميل السيل) بفتح الحاء المهملة وكسر الميم، ما جاء به من طين ونحوه. شبه به لأنه أسرع في الإنبات (ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد)، الإسناد فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>