وقال السفاقسي: المعنى: إن أنت أبقيتني على هذه الحالة ولا تدخلني الجنة، لأكونن أشقى خلقك الذين دخلوها. والألف زائدة في: لا أكون.
(فيقول) الله: (فما عسيت) بكسر السين وفتحها. (إن أعطيت ذلك): التقديم إلى باب الجنة (أن لا تسأل غيره). بكسر همزة إن الأولى: شرطية، وفتح الثانية: مصدرية وضم همزة أعطيت، ولا زائدة كهي في ﴿لئلا يعلم أهل الكتاب﴾ [الحديد: ١٢٩] أو أصلية.
وما في قوله: فما عسيت نافية، ونفي النفي إثبات، أي: عسيت أن تسأل غيره. وأن لا تسأل خبر عسى وذلك: مفعول ثان لأعطيت، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر: أن تسأل، بإسقاط لا. فما استفهامية، وإنما قال الله تعالى ذلك، وهو عالم كان وما يكون، إظهارًا لا عهد من بني آدم من نقض العهد، وأنهم أحق بأن لهم ذلك، فمعنى عسى راجع للمخاطب لا إلى الله تعالى.
(فيقول) الرجل (لا و) حق (عزتك لا أسأل) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر: لا أسالك، (غير ذلك فيعطي) الرجل (ربه ما شاء من عهد وميثاق، فيقدمه) الله (إلى باب الجنة، فإذا بلغ بابها فرأى زهرتها) بفاء العطف على بلغ، كقوله (وما فيها من النضرة) بالضاد المعجمة الساكنة، أي البهجة (والسرور) تحير، (فيسكت ما شاء الله أن يسكت)، بالفاء التفسيرية، وأن مصدرية أي: ما شاء الله سكوته حياءً من ربه، وهو تعالى يحب سؤاله لأنه يحب صوته، فيباسطه بقوله: لعلك إن أعطيت هذا تسأل غيره؟ وهذه حالة المقصر، فكيف حالة المطيع.
وليس نقض هذا العبد عهده جهلاً منه، ولا قلة مبالاة، بل علمًا منه أن نقض هذا العهد أولى من الوفاء، لأن سؤاله ربه أولى من إبرار قسمه.
قال ﵊: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها، فليكفر عن يمينه، وليأت الذي هو خير. وجواب إذا محذوف وتقديره نحو: تحير كما مر.
(فيقول: يا رب أدخلني الجنة. فيقول الله)﷿: (ويحك) نصب بفعل محذوف، وهي كلمة رحمة، كما أن ويلك كلمة عذاب (يا ابن آدم ما أغدرك!) صيغة تعجب من الغدر، وهو ترك الوفاء (أليس قد أعطيت العهد والميثاق) بفتح الهمزة والطاء مبنيًّا للفاعل وللكشميهني العهود والمواثيق (أن لا تسأل غير الذي أعطيت)؟ بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول (فيقول: يا رب لا تجعلني أشقى خلقك. فيضحك الله ﷿ منه) أي من فعل هذا الرجل، وليس في رواية الأصيلي لفظ: منه. والمراد من الضحك هنا لازمه، وهو كتاب الرضا وإرادة الخير كسائر الإسنادات في مثله مما يستحيل على الباري تعالى، فإن المراد لوازمها (ثم يأذن له) الله تعالى (في دخول الجنة. فليقول له: تمنّ، فيتمنى. حتى إذا انقطع) وللأصيلي وأبي ذر عن الكشميهني: انقطعت (أمنيته قال الله ﷿