وعورض: بأنه على تأويل: إلاّ، بغير، يصير المعنى نفي: إله، مغاير له، ولا يلزم من نفي مغاير الشيء إثباته هنا، فيعود الإشكال.
وأجيب بأن إثبات: الإله كان متفقًا عليه بين العقلاء، إلاّ أنهم كانوا يثبتون الشركاء والأنداد، فكان المقصود بهذه الكلمة نفي ذلك، وإثبات الإله من لوازم المعقول، سلمنا: أن لا إله إلا الله، دلّت على نفي سائر الآلهة، وعلى إثبات الإلهية لله تعالى، إلاّ أنها بوضع الشرع، لا بمفهوم أصل اللغة. اهـ.
وقد يجوز النصب على الاستثناء أو الصفة لاسم: لا إذا كانت بمعنى غير، لكن المسموع الرفع.
قال البيضاوي في آية ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ﴾ [الأنبياء: ٢٢] أي غير الله وصف: بإلاَّ، لما تعذر الاستثناء لعدم شمول ما قبلها لما بعدها ودلالته على ملازمة الفساد لكون الآلهة فيهما دونه.
والمراد ملازمته لكونها مطلقًا أو معه، حملاً لها على غير، كما استثنى: بغير، حملاً لها عليها. ولا يجوز الرفع على البدل لأنه متفرع على الاستثناء، ومشروط بأن يكون في كلام غير موجب.
وقد أشبعنا القول في مباحث ذلك في أوّل كتاب الإيمان عند قوله: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله".
ثم اعلم أنه: لا خلاف أن في قولك: قام القوم إلا زيدًا، مخرجًا، ومخرجًا منه، وأن المخرج ما بعد إلا، والمخرج منه ما قبلها. ولكن قبل إلاّ شيئان: القيام والحكم به.
والقاعدة أن ما خرج من نقيض دخل في النقيض الآخر.
واختلفوا هل زيد مخرج من القيام أو من الحكم به؟ والذي عليه محققو النحاة والفقهاء: أنه مخرج من القيام، فيدخل في عدم القيام، فهو غير قائم، وقيل: مخرج من الحكم بالقيام فيدخل في عدم الحكم، فهو غير محكوم عليه، وهو قول قوم من الكوفيين، ووافقهم الحنفية.
فعندنا: أن الاستثناء من النفي إثبات ومن الإثبات نفي. وعندهم: أن المستثنى غير محكوم عليه بشيء ومن حجج الجمهور الاتفاق على حصول التوحيد بقوّلنا: لا إله إلا الله. وذلك إنما يتمشى على قوّلنا: أن المستثنى محكوم عليه، لا على قولهم: إنه مسكوت عنه. فافهمه.
قاله ابن هشام:
(وحده) بالنصب على الحال أي: لا إله منفردًا وحده (لا شريك له) عقلاً ونقلاً.
أما أوّلاً: فلأن وجود إلهين محُال، إذ لو فرضنا وجودهما لكان كلٍّ منهما قادرًا على كل المقدورات، فلو فرضنا أن أحدهما أراد تحريك زيد والآخر تسكينه، فإما أن يقع المرادان، وهو محال