والعين والميم المشدّدة، ولابن عساكر والأصيلي: أو يعمد، بفتح المثناة التحتية وسكون العين وكسر الميم مع إسقاط: من.
فإن قلت: هذا يخالف ما في مسلم من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن السدي، قال: أنسًا كيف أنصرف إذا صليت، عن يميني أو عن يساري؟
قال: أمّا أنا، فأكثر ما رأيت رسول الله ﷺ ينصرف عن يمينه.
أجيب بأن أنسًا إنما عاب من يعتقد تحتّم ذلك ووجوبه، وأما إذا استوى الأمران، فجهة اليمين أولى، لأنه ﵊: كان أكثر انصرافه لجهة اليمين، كما سيأتي في الحديث الآتي، إن شاء الله تعالى، ويجب التيامن في شأنه كله.
وبه قال:(حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك (قال: حدّثنا) ولأبي ذر: أخبرنا (شعبة) بن الحجاج، (عن سليمان) بن مهران الأعمش (عن عمارة بن عمير) بضم العين فيهما، (عن الأسود) بن يزيد النخعي (قال: قال عبد الله) بن مسعود،﵁:(لا يجعل) وللكشميهني: لا يجعلن، بنون التوكيد، (أحدكم للشيطان شيئًا) ولمسلم: جزءًا (من صلاته يرى) بفتح أوّله، أي: يعتقد، ويجوز الضم أي: يظن (أن حقًّا عليه أن لا ينصرف إلاّ عن يمينه) بيان لما قبله، وهو الجعل أو استئناف بياني. كأنه قيل: كيف يجعل للشيطان شيئًا من صلاته؟ فقال: يرى أن حقًّا عليه إلى آخره.
وقوله: أن لا ينصرف، في موضع رفع خبر أن، واستشكل بأنه معرفة، إذ تقديره عدم الانصراف، فكيف يكون اسمها نكرة وهو معرفة؟
وأجيب: بأن النكرة المخصوصة كالمعرفة، أو من باب القلب، أي: يرى أن عدم الانصراف حق عليه. قاله البرماوي تبعًا للكرماني.
وتعقبه العيني فقال: هذا تعسف، والظاهر أن المعنى: يرى واجبًا عليه عدم الانصراف إلا عن يمينه والله (لقد رأيت النبي ﷺ كثيرًا) حال كونه (ينصرف عن يساره).
واستنبط ابن المنير منه: أن المندوب ربما انقلب مكروهًا إذا خيف على الناس أن يرفعوه عن رتبته، لأن التيامن مستحب. لكن لما خشي ابن مسعود أن يعتقد وجوبه، أشار إلى كراهته.