(من أكل من هذه الشجرة)(يعني الثوم) يحتمل أن يكون القائل: يعني، هو عبيد الله العمري، كما قاله الحافظ ابن حجر ﵀(فلا يقربن مسجدنا) بنون التأكيد المشددة أي: المكان الذي أعدّه ليصلّي فيه مدة إقامته بخيبر، أو المراد بالمسجد: الجنس، والإضافة إلى المسلمين ويدل له رواية أحمد عن يحيى القطان فيه بلفظ: فلا يقربن المساجد: وحكم رحبة المسجد حكمه لأنها منه، ولذا كان ﵊ إذا وجد ريحها في المسجد أمر بإخراج مَن وجدت منه إلى البقيع، كما ثبت في مسلم عن عمر ﵁، ويلحق بالثوم كل ذي ريح كريه.
وألحق بعضهم به من بفيه بخر، أو لجرحه رائحة، وكالمجذوم والأبرص، وأصحاب الصنائع الكريهة: كالسماك، وتاجر الكتان، والغزل.
وعورض بأن آكل الثوم أدخل على نفسه باختياره هذا المانع، بخلاف: الأبخر والمجذوم، فكيف يلحق المضطر بالمختار. اهـ.
وزاد مسلم من رواية ابن نمير عن عبيد الله: حتى ذهب ريحها. وسمى الثوم بالشجرة، والشجرة ما كان على ساق له وما لا ساق له يسمى نجمًا. كما أن اسم كلٍّ منهما قد يطلق على الآخر، ونطق أفصح الفصحاء من أقوى الدلائل.
وبه قال:(حدّثنا عبد الله بن محمد) أي: ابن اليمان الجعفي المسندي المتوفى سنة تسع وعشرين ومائتين (قال: حدّثنا أبو عاصم) الضحاك بن مخلد النبيل، شيخ المؤلّف، وربما روى عنه بواسطة كما هنا (قال: أخبرنا ابن جريج) عبد الملك (قال: أخبرني) بالإفراد (عطاء) هو ابن أبي رباح (قال: سمعت جابر بن عبد الله) الأنصاري (قال: قال النبي ﷺ):
(من كل من هذه الشجرة)(يريد الثوم) يحتمل أن يكون الذي فسر هو ابن جريج كما قاله الحافظ ابن حجر، رحمه الله تعالى. (فلا يغشانا) بألف بعد الشين المعجمة إجراء للمعتل مجرى الصحيح، كقوله:
إذا العجوز غضبت فطلق … ولا ترضاها ولا تملق
أو الألف من إشباع فتحية يغشنا، أو خبر بمعنى النهي، أي: فلا يأتنا (في مساجدنا) وللحموي والمستملي: مسجدنا، بالإفراد.