الزهري (زعم عطاء) هو ابن أبي رباح أي: قال: لأن المراد بالزعم هنا القول المحقق وللأصيلي: عن عطاء (أن جابر بن عبد الله) الأنصاري (زعم أن النبي ﷺ قال)(من أكل ثومًا أو بصلاً فليعتزلنا)(أو قال: فليعتزل) ولابن عساكر أو فليعتزل (مسجدنا) شك من الزهري - (وليقعد) بواو العطف، ولأبي ذر: أو ليقعد (في بيته). بالشك. وهو أخص من الاعتزال لأنه أعمّ من أن يكون في البيت أو غيره.
وبه قال المؤلّف (و) حدّثنا سعيد بن عفير بإسناده (أن النبي ﷺ) أي: لما قَدِمَ المدينة من مكة، ونزل في بيت أبي أيوب الأنصاري (أتي) من عند أبي أيوب (بقدر) بضم الهمزة وكسر القاف، ما يطبخ فيه الطعام (فيه خضرات) بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين، ولأبي ذر، وعزاها القاضي عياض وابن قرقول للأصيلي: خضرات، بضم الخاء وفتح الضاد، جمع خضرة (من بقول) أي مطبوخة، (فوجد لها ريحًا) لأن الرائحة لم تمت منها بالطبخ، فكأنها نيئة (فسأل، فأخبر) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول، أي أُخبر النبي ﷺ(بما فيها) أي القدر (من البقول فقال) وفي رواية قال:
(قربوها) أي القدر أو الخضرات أو البقول مشيرًا (إلى بعض أصحابه كان معه)، هو أبو أيوب الأنصاري.
استدلّ في فتح الباري لكونه أبا أيوب بحديث مسلم، في قصة نزوله ﵊ عليه، قال: وكان يقدم للنبي ﷺ طعامًا، فإذا جيء به إليه، أي بعد أن يأكل النبي ﷺ منه، سأل عن موضع أصابع النبي ﷺ، فصنع ذلك مرة، فقيل له: لم يأكل، وكان الطعام فيه ثوم، فقال: أحرام هو يا رسول الله؟ قال:"لا، ولكن أكرهه" اهـ.
أو هو وغيره حديث أم أيوب المروي عند ابني خزيمة وحبان. قالت: نزل علينا رسول الله ﷺ فتكلفنا له طعامًا فيه بعض البقول … الحديث. وفيه: قال: كلوا، فإني لست كأحد منكم، فهذا أمر بالأكل للجماعة.
(فلما رآه) أي فلما رأى النبي ﷺ أبا أيوب أو غيره (كره أكلها قال) ولأبي ذر والأصيلي فقال:
(كل فإني أناجي مَن لا تناجي) أي من الملائكة. وعند ابني خزيمة وحبان، من وجه آخر: أن رسول الله ﷺ أرسل إليه بطعام من خضرة فيه بصل أو كراث، فلم ير فيه أثر رسول الله ﷺ، فأبى أن يأكل. فقال له: ما منعك أن تأكل؟ فقال: لم أر أثر يدك قال: أستحيي من ملائكة الله، وليس بمحرم. وعندهما أيضًا: إني أخاف أن أُوذي صاحبيّ.
ورواة هذا الحديث ما بين مصري بالميم ومكّي ومدني، وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه البخاري في الاعتصام، ومسلم في الصلاة، وأبو داود في الأطعمة، والنسائي في الوليمة.