لرواية ابني خزيمة وحبان والطحاوي، من طريق عمرو بن دينار عن طاوس، عن أبي هريرة، نحوه (أن النبي ﷺ قال):
(اغتسلوا يوم الجمعة) إن كنتم جنبًا (واغسلوا رؤوسكم) تأكيد: لاغتسلوا، من عطف الخاص على العامّ، لينبّه على أن المطلوب الغسل التام، لئلا يتوهم أن إفاضة الماء دون حل الشعر مثلاً تجزئ في غسل الجمعة، أو المراد بالثاني: التنظيف من الأذى. واستعمال الدهن ونحوه. (وإن لم تكونوا جنبًا) فاغتسلوا للجمعة، ولفظ الجنب يستوي فيه المذكر والمؤنث، والمفرد والمثنى والجمع، قال تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: ٦](وأصيبوا من الطيب) من للتبعيض قائم مقام المفعول، أي: استعملوا بعض الطيب.
وليس في هذه الرواية ذكر الدهن المترجم له، ويحتمل أن المؤلّف أراد أن حديث طاوس عن ابن عباس واحد، وقد ذكر فيه إبراهيم بن ميسرة: الدهن، ولم يذكره الزهري، وزيادة الثقة الحافظ مقبولة.
(قال ابن عباس) مجيبًا لطاوس عن قوله: ذكروا … إلخ (أما الغسل المذكورة فنعم) قاله النبي ﷺ(وأما الطيب فلا أدري) أي: فلا أعلم. قاله ﵊ أم لا، لكن رواية صالح بن أبي الأخضر عن الزهري، عن عبيد بن السباق عند ابن ماجة مرفوعًا:"من جاء إلى الجمعة فليغتسل وإن كان له طيب فليمس منه". تخالف ذلك، لكن صالح ضعيف، وقد خالفه مالك، فرواه عن الزهري عن عبيد بن السباق، مرسلاً.
وبه قال:(حدّثنا إبراهيم بن موسى) بن يزيد التميمي الفراء الرازي الحافظ (قال: أخبرنا هشام) هو ابن يوسف الصنعاني، قاضي صنعاء، المتوفى سنة تسع وتسعين ومائة باليمن، رحمه الله تعالى (أن ابن جريج) عبد الملك (أخبرهم، قال: أخبرني) بالإفراد (إبراهيم بن ميسرة) بفتح الميم وسكون المثناة التحتية وفتح السين والراء المهملتين، الطائفي المكي التابعي (عن طاوس) اليماني (عن ابن عباس، ﵄، أنه ذكر قول النبي ﷺ في الغسل يوم الجمعة).
قال طاوس:(فقلت لابن عباس: أيمس طيبًا) نصب: بيمس، والهمزة للاستفهام (أو) يمس (دهنًا وإن كان) أي الطيب أو الدهن (عند أهله؟ فقال) ابن عباس: (لا أعلمه) من قوله ﷺ، ولا من كونه مندوبًا.