للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(ثم جاءت رسول الله منها) أي من جنس الحلة السيراء (حلل، فأعطى عمر بن الخطاب

منها) أي من الحلل (حلة) ولأبي ذر: فأعطى منها عمر بن الخطاب حلة، (فقال عمر: يا رسول الله) وللأصيلي: فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، (كسوتنيها) أي الحلة (وقد قلت في حلة عطارد) بضم المهملة وكسر الراء، وهو ابن حاجب بن زرارة التميمي، قدم في وفد بني تميم على رسول الله ، وأسلم له صحبة (ما قلت) من أنه: "إنما يلبسها من لا خلاق له "؟ (قال رسول الله ) له:

(إني لم أكسكها لتلبسها) بل لتنتفع بها في غير ذلك. وفيه دليل على أنه يقال: كساه إذا أعطاه كسوة لبسها أم لا، ولمسلم: أعطيتكها تبيعها وتصيب بها حاجتك، ولأحمد: أعطيتكه تبيعه، فباعه بألفي درهم.

لكنه يشكل بما هنا من قوله: (فكساها عمر بن الخطاب أخًا له) من أمه: عثمان بن حكيم، قاله المنذري، أو هو أخو أخيه زيد بن الخطاب لأمه أسماء بنت وهب، قاله الدمياطي، أو كان أخاه من الرضاعة.

وانتصاب أخًا على أنه مفعول ثان لكسا، يقال: كسوته جبة، فيتعدى إلى مفعولين وقوله: له في محل نصب صفة لقوله: أخًا تقديره أخًا كائنًا له. وكذا قوله: (بمكة مشوكًا) نصب صفة بعد صفة. واختلف في إسلامه، فإن قلت: الصحيح أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، ومقتضى تحريم لبس الحرير عليهم، فكيف كساها عمر أخاه المشرك؟

أجيب: بأنه يقال كساه إذا أعطاه كسوة لبسها أم لا، كما مر. فهو إنما أهداها له لينتفع بها، ولا يلزم لبسها.

ومطابقة الحديث للترجمة من جهة دلالته على استحباب التجمل يوم الجمعة، والتجمل يكون بأحسن الثياب، وإنكاره على عمر، لم يكن لأجل التجمل، بل لكون تلك الحلة كانت حريرًا.

تنبيه:

أفضل ألوان الثياب البياض، لحديث: "البسوا من ثيابكم البياض، فإنها خير ثيابكم، وكفّنوا فيها موتاكم" … رواه الترمذي وغيره، وصححوه. ثم ما صبغ غزله قبل نسجه: كالبرد، لا ما صبغ منسوجًا، بل يكره لبسه كما صرح به البندنيجي وغيره، ولم يلبسه ، ولبس البرود.

ففي البيهقي عن جابر أنه كان له برد يلبسه في العيدين والجمعة، وهذا في غير المزعفر والمعصفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>